(وَ) لا (تُدْلُوا) تلقوا (بِها) أي بحكومتها أو بالأموال رشوة (إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا) بالتحاكم (فَرِيقاً) طائفة (مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ) ملتبسين (بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١٨٨) أنكم مبطلون (يَسْئَلُونَكَ) يا محمد (عَنِ الْأَهِلَّةِ) جمع هلال لم تبدو دقيقة ثم تزيد حتى تمتلىء نورا ثم تعود كما بدت ولا تكون على حالة واحدة كالشمس (قُلْ) لهم (هِيَ مَواقِيتُ) جمع ميقات (لِلنَّاسِ) يعلمون بها أوقات زرعهم ومتاجرهم وعدد نسائهم وصيامهم وإفطارهم (وَالْحَجِ) عطف على الناس أي يعلم بها وقته فلو استمرت على حالة لم يعرف ذلك (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) في الإحرام بأن تنقبوا فيها نقبا تدخلون منه وتخرجون وتتركوا الباب ، وكانوا يفعلون
____________________________________
ولا يضيق بالحق. قوله : (كالسرقة) أي والمكس والنهب من كل ما لم يأذن فيه الشارع. قوله : (تلقوا) أي تسرعوا أو تبادروا. قوله : (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) جملة حالية من فاعل تأكلوا. قوله : (أنكم مبطلون) بفتح الهمزة إشارة إلى أنه مفعول تعلمون.
قوله : (يَسْئَلُونَكَ) أي أصحابك. قوله : (لم تبدو دقيقة) هذا هو صورة السؤال. قوله : (ثم تزيد) أي شيئا فشيئا. قوله : (حتى تمتلىء نورا) أي وذلك ليلة أربعة عشر. قوله : (ثم تعود كما بدت) أي فالهلال إما آخذ في الزيادة وذلك في النصف الأول من الشهر ، وإما آخذ في النقص وذلك في النصف الأخير منه.
قوله : (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) قيل إن الجواب غير مطابق للسؤال ، لأن سؤالهم عن حكمة كونه يبدو دقيقا ، ثم إذا تم عاد كما كان ، والجواب إنما هو عن حكمة الهلال الظاهرية وهي كونه مواقيت للناس والحج ، وأما جواب سؤالهم فليسوا مكلفين به ولا حاجة لهم بذلك لأنه من المغيبات ، وقيل إن الجواب مطابق للسؤال ، فقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) أي عن حكمتها الظاهرة وهذا هو الأنسب بمقامهم لأن الأول من باب (لا تسئلوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم) والضمير يعود على الأهلة وتقدم أنه جمع هلال سمي بذلك لاستهلال الناس عند رؤيته بمعنى رفع أصواتهم ، ويسمى بالهلال ليلتين أو ثلاثا وبعد ذلك يسمى قمرا. قوله : (جمع ميقات) أصله موقات وقعت الواو ساكنة إثر كسرة قلبت ياء. قوله : (أوقات زرعهم) أي فكل زرع له وقت يطلع فيه ، فزرع هذا الشهر مثلا لا يطلع في غيره وهكذا. قوله : (وعدد نسائهم) أي من كونها أربعة أشهر وعشرا أو ثلاثة أشهر مثلا قوله : (وصيامهم) أي في رمضان مثلا. قوله : (وإفطارهم) أي في شوال. قوله : (عطف على الناس) أي مسلط عليه مواقيت واللام وفي الحقيقة هو معطوف على المضاف المحذوف أي لمصالح الناس والحج. قوله : (يعلم بها وقته) أي وهو شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة فلو تقدم أو تأخر لم يصح ، وهذا هو حكمة تخصيصه من دون العبادات وإن كان من مصالح الناس.
قوله : (وَلَيْسَ الْبِرُّ) الحكمة في ذكر هذه الآية بعد ما تقدم أنهم سألوا عن ذلك أيضا ، وصورة سؤالهم هل من البر إتيان البيوت من ظهورها ، فأجابهم الله بأنه ليس من البر ، ويتعين رفع البر هنا لأن ما بعد الباء يتعين جعله خبرا لليس فإن الباء إنما تدخل على الخبر لا على الإسم. قوله : (بأن تنقبوا فيها نقبا) أي من خوف الإستظلال بالسقف وهذا في الحاضر ، وأما البادي فكان يشق الخيمة وذلك في الإحرام ،