وجواب إذا دل عليه ما قبله أي منعكم نصره (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا) فترك المركز للغنيمة (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) فثبت به حتى قتل كعبد الله بن جبير وأصحابه (ثُمَّ صَرَفَكُمْ) عطف على جواب إذا المقدر ردكم بالهزيمة (عَنْهُمْ) أي الكفار (لِيَبْتَلِيَكُمْ) ليمتحنكم فيظهر المخلص من غيره (وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ) ما ارتكبوه (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (١٥٢) بالعفو اذكروا (إِذْ تُصْعِدُونَ) تبعدون في الأرض هاربين (وَلا تَلْوُونَ) تعرجون (عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ) أي من ورائكم يقول إليّ عباد الله إليّ عباد الله (فَأَثابَكُمْ) فجازاكم (غَمًّا) بالهزيمة (بِغَمٍ) بسبب غمكم للرسول بالمخالفة وقيل الباء بمعنى على أي مضاعفا على غم فوت الغنيمة (لِكَيْلا) متعلق بعفا أو بأثابكم فلا زائدة (تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) من الغنيمة (وَلا ما أَصابَكُمْ) من القتل والهزيمة (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٥٣) (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً) أمنا (نُعاساً) بدل
____________________________________
الأولين وحذف. قوله : (ما تُحِبُّونَ) مفعول ثان لأرى ، والكاف مفعول أول. قوله : (من النصر) أي أولا فلما وقع الإختلاف تغير الحال. قوله : (دل عليه ما قبله) أي وهو قوله : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ). قوله : (كعبد الله بن جبير) أي وقد كان أميرا على الرماة. قوله : (وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ) أي عن المؤمن منكم بعد توبته. قوله : (اذكروا) قدره إشارة إلى أن إذ ظرف لمحذوف ، ويصح أنه ظرف لقوله : عصيتم ، التقدير وقت بعدكم إلخ. قوله : (إِذْ تُصْعِدُونَ) فلعله رباعي بمعنى تبعدن ، وقرىء تصعدون من الثلاثي بمعنى تذهبون متفرقين في البرية.
قوله : (وَلا تَلْوُونَ) الجمهور على أنها بواوين ، وقرىء شذوذا بإبدال الواو الأولى همزة وأصلها تلويون بواوين بينهما ياء هي لام الكلمة فاعل بحذفها ، وقرأ الحسن شاذا بواو واحدة. قوله : (تعرجون) أي لا تقيمون مع أحد بل كل واحد ذاهب على حدة. قوله : (يَدْعُوكُمْ) أي يناديكم ولم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا ، وقيل ثمانية عشر رجلا ، وقيل لم يبق معه إلا طلحة عن يساره وجبريل عن يمينه ، وجمع بين الأقوال بأن ذلك بحسب اختلاف الأوقات حين احتاطت به الكفار. قوله : (أي من ورائكم) أشار بذلك إلى أن الأخرى بمعنى آخر وفي بمعنى من ، ويصح أن يبقى الكلام على ما هو عليه ، ويكون المعنى والرسول يدعوكم في ساقتكم وجماعتكم الأخرى. قوله : (يقول إلي عباد الله) تمامه أنا رسول الله من يكر فله الجنة. قوله : (فجازاكم) أشار بذلك إلى أن المراد بالثواب مطلق المجازاة وإلا فالثواب هو ما يكون في نظير الأعمال الصالحة وإنما سماه ثوابا لأن عاقبته محمودة ، قوله : (أي مضاعفا) أي زائدا. قوله : (متعلق بعفا) أي وتكون لا أصلية والمعنى عفا عنكم ليذهب عنكم الحزن. قوله : (أو بأثابكم) أي فيكون المعنى أثابكم غما بغم لأجل حزنكم على فوات الغنيمة وعلى قتل أصحابكم فقوله : (فلا زائدة) أي على هذا الثاني فقط.
قوله : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أي فيعلم المخلص من غيره فإن منهم من لزم رسول الله ولم ينتقل من موضعه أبدا وهو طلحة بن عبد الله ، ومنهم من ثبت لو لا غلبة الكفار كبقية الأثني عشر أو الثمانية عشر ، ومنهم من فر خوفا من القتل ، ومنهم من فر ابتداء لإظهار هزيمة المؤمنين وهؤلاء منافقون وقد ظهروا في تلك الغزوة وافتضحوا ، وأما المؤمنون فقد تم لهم النصر وعفا الله من مسيئهم ، قوله : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ) ثم للترتيب بدليل تصريحه بالبعدية بعد ذلك بقوله : (مِنْ بَعْدِ الْغَمِ) ، قوله : (أمنا)