الكفار والفاسقون (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ) بالنعم (وَالسَّيِّئاتِ) بالنقم (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (١٦٨) عن فسقهم (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ) التوراة عن آبائهم (يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى) أي حطام هذا الشىء الدنيء أي الدنيا من حلال وحرام (وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) ما فعلناه (وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ) الجملة حال أي يرجون المغفرة وهم عائدون إلى ما فعلوه مصرون عليه وليس في التوراة وعد المغفرة مع الإصرار (أَلَمْ يُؤْخَذْ) استفهام تقرير (عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ) الإضافة بمعنى في (أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا) عطف على يؤخذ قرؤوا (ما فِيهِ) فلم كذبوا عليه بنسبة المغفرة إليه مع الإصرار (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) الحرام (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٦٩) بالياء والتاء أنها خير فيؤثرونها على الدنيا (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ) بالتشديد والتخفيف (بِالْكِتابِ) منهم (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) كعبد الله بن سلام وأصحابه (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (١٧٠) الجملة خبر الذين وفيه وضع الظاهر موضع المضمر أي أجرهم (وَ)
____________________________________
قوله : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ) أي اختبرناهم بالعطايا : كالنعم والعافية ، والبلايا : كالنقم والأسقام والشدائد ، (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عما هم عليه من الكفر والمعاصي إلى طاعة ربهم ، فلم يرجعوا. قوله : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) بسكون اللام للشر ، وبفتحها للخير ، يقال خلف سوء ، وخلف صالح ، وهذه صفة من كان في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم إثر بيان صفات أسلافهم. قوله : (التوراة) أشار بذلك إلى أن أل في الكتاب للعهد. قوله : (عن آبائهم) أي أسلافهم سواء كانوا صلحاء أو لا. قوله : (عَرَضَ هذَا الْأَدْنى) سمي عرضا لتعرضه للزوال ، ففي الكلام استعارة تصريحية ، حيث شبه متاع الدنيا بالعرض الذي لا يقوم بنفسه بجامع الزوال في كل ، واستعير اسم المشبه به للمشبه.
قوله : (وَيَقُولُونَ) أي زيادة على طمعهم في الدنيا. قوله : (سَيُغْفَرُ لَنا) أي لأنا أبناء الله وأحباؤه ، وشأن الحبيب أن لا يعذب حبيبه. قوله : (مصرون عليه) أي لم يقلعوا عنه ، فقد طمعوا في المغفرة. مع فقد شروطها ، إذ من أكبر شروطها الندم والإقلاع. قوله : (مِيثاقُ الْكِتابِ) أي التوراة ، والمعنى أخذ عليهم الميثاق في التوراة ، أنهم لا يكذبون على الله ، ولا يقولون إلا الحق. قوله : (إِلَّا الْحَقَ) صفة لموصوف محذوف مفعول مطلق لقوله : (أَنْ لا يَقُولُوا) ، والتقدير أن لا يقولوا على الله إلا القول الحق. قوله : (فلم كذبوا عليه) أي الله.
قوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، والتقدير أتركوا التدبر والتفكر فلا يعقلون. قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى الياء يكون إخبارا عنهم ، وعلى التاء يكون خطابا لهم. قوله : (بالتشديد) أي يمسكون غيرهم بالكتاب ، ويدلونه على طريق الهدى. قوله : (والتخفيف) أي يمسكون : (بِالْكِتابِ) ، بمعنى يهتدون في أنفسهم. قوله : (منهم) أي من بني إسرائيل. قوله : (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) خصها بالذكر لأنها أعظم أركان الدين بعد التوحيد. قوله : (وفيه وضع الظاهرة موضع المضمر) أشار بذلك إلى أن الرابط هو لفظ (الْمُصْلِحِينَ) ، لقيامه