(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) القرآن المشتمل على نعت محمد (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) (٧٠) تعلمون أنه حق (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ) تخلطون (الْحَقَّ بِالْباطِلِ) بالتحريف والتزوير (وَتَكْتُمُونَ الْحَقَ) أي نعت النبي (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٧١) أنه حق (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) اليهود لبعضهم (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) أي القرآن (وَجْهَ النَّهارِ) أوله (وَاكْفُرُوا) به (آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ) أي المؤمنين (يَرْجِعُونَ) (٧٢) عن دينهم إذ يقولون ما رجع هؤلاء عنه بعد دخلوهم فيه وهم أولو علم إلا لعلمهم بطلانه ، وقالوا أيضا (وَلا تُؤْمِنُوا) تصدقوا (إِلَّا لِمَنْ) اللام زائدة (تَبِعَ) وافق (دِينَكُمْ) قال تعالى (قُلْ) لهم يا محمد (إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) الذي هو الإسلام وما عداه ضلال والجملة اعتراض (إِنَ) أي بأن (يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) من الكتاب والحكمة والفضائل ، وأن مفعول تؤمنوا ، والمستثنى منه أحد قدم عليه المستثنى ، المعنى لا تقروا بأن أحدا يؤتى ذلك إلا لمن تبع دينكم (أَوْ) بأن (يُحاجُّوكُمْ) أي المؤمنون يغلبوكم
____________________________________
قلوبهم ، فلم يعرفوا أنهم لا يضرون إلا أنفسهم. قوله : (القرآن المشتمل على نعت محمد) أي وقيل هي التوراة والإنجيل فإنهما مشتملان على نعته أيضا ، قال تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) الآية. قوله : (تعلمون أنه حق) أي من التوراة والإنجيل. قوله : (الْحَقَ) أي وهو نعت محمد وأصحابه المذكور في التوراة والإنجيل ، وقوله : (بِالْباطِلِ) أي وهو التغيير لتلك النعوت. قوله : (بالتحريف والتزوير) أي الكذب في تلك الصفات. قوله : (إنه حق) أي إنه نبي حقا ، وما جاء به من عند ربه حق.
قوله : (وَقالَتْ طائِفَةٌ) شروع في بيان تلبيسات اليهود ، ورد أنه اجتمع اثنا عشر من أحبار خيبر ، وأجمع رأيهم على أنهم يظهرون الإسلام في أول النهار وفي آخره يرجعون لدينهم ويأمرون الناس بذلك ، وقصدهم بذلك دخول الشك على من آمن به صلىاللهعليهوسلم ، فلما أجمعوا وصمموا على ذلك جعل الله كيدهم في نحورهم ولم يفعلوا شيئا من ذلك ، ولو فعلوه لعاد شؤمه عليهم وقتلوا إن لم يتوبوا ، لأن المرتد لا يبقى على ردته فمن نكث فإنما ينكث على نفسه. قوله : (آمِنُوا) أي صدقوا ظاهرا باللسان. قوله : (أي القرآن) هذا هو المشهور في تفسير الآية ، وقيل الذي أنزل على الذين آمنوا هو القبلة حين أمر النبي بالتحول للكعبة ثانيا بعد استقباله بيت المقدس ، فحينئذ حصل لليهود غيظ وحزن عظيم ، فأجمع رأيهم على موافقة المؤمنين أول النهار ومخالفتهم آخره ، لعله يحصل الشك لأصحابه فيرجعون عن دينهم. قوله : (أوله) أشار بذلك إلى أن وجه النهار ظرف زمان لقوله آمنوا. قوله : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) علة لقوله آمنوا بالذي أنزل الخ. قوله : (إذ يقولون) علة للعلة.
قوله : (وَلا تُؤْمِنُوا) هذا من جملة تلبيساتهم ، وحاصل إعراب هذه الآية أن يقال لا ناهية وتؤمنوا مجزوم بها وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل ، وقوله : (أَنْ يُؤْتى) أن حرف مصدري ونصب ، ويؤتى منصوب بها وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر وهو في تأويل مصدر معمول لقوله ولا تؤمنوا ، وأحد نائب فاعل يؤتى وهو مفعول أول له ومثل مفعول ثان ، وقوله : (إلا) أداة استثناء و (لمن) اللام زائدة ومن منصوب على الاستثناء والمستثنى منه قوله أحد وما اسم موصول وأوتيتم