الَّذِينَ) لا (يُطِيقُونَهُ) لكبر أو مرض لا يرجى برؤه (فِدْيَةٌ) هي (طَعامُ مِسْكِينٍ) أي قدر ما يأكله في يومه وهو مد من غالب قوت البلد لكل يوم وفي قراءة بإضافة فدية وهي للبيان وقيل لا غير مقدرة وكانوا مخيرين في صدر الإسلام بين الصوم والفدية ثم نسخ بتعيين الصوم بقوله (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) قال ابن عباس : إلا الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على الولد فإنها باقية بلا نسخ في حقهما (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) بالزيادة على القدر المذكور في الفدية (فَهُوَ) أي التطوع (خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا) مبتدأ خبره (خَيْرٌ لَكُمْ) من الافطار والفدية (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١٨٤) أنه خير لكم فافعلوه تلك الأيام (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر منه (هُدىً) حال ، هاديا من الضلالة (لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ)
____________________________________
صحته لتوهم كونه صفة لعدة مع أنه ليس مرادا. قوله : (لا يرجى برؤه) أي كمرض القصبة والجذام. قوله : (هي) (طَعامُ) أشار بذلك إلى أن فدية بالتنوين وطعام خبر لمبتدأ محذوف بيان لفدية. قوله : (وفي قراءة بإضافة فدية) أي مع جمع مسكين ، وأما الأولى ففيها وجهان الإفراد والجمع. قوله : (وقيل لا غير مقدرة) هذا مقابل ما حل به المفسرد ، فعلى الأول الآية محكمة ، وعلى الثاني منسوخة. قوله : (بتعيين الصوم) أي ولا يقبل منه فدية بعد ذلك والتارك له جحدا كافر أو كسلا يؤخر لمقدار النية قبل الفجر فإن لم ينو قتل حدا. قوله : (خوفا على الولد) أي فإنهما يقضيان ويفتديان. وأما على أنفسهما فقط أو للولد فإن عليهما القضاء لا غير. قوله : (بالزيادة على القدر المذكور) أي بأن زاد على المذكور وفي عدد المساكين. قوله : (مبتدأ) أي مؤول بمصدر تقديره صيامكم. قوله : (فافعلوه) قدره إشارة إلى أن جواب الشرط محذوف.
قوله : (شَهْرُ رَمَضانَ) خبر لمبتدأ محذوف قدره المفسر بقوله تلك الأيام ، واعلم أن اسماء الشهور أعلام أجناس ورمضان ممنوع من الصرف للعلمية وزياد. الألف والنون لأنه من الرمض وهو الأحراق لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها وسمي الشهر شهرا لاشتهاره لمنافع الناس في دينهم ودنياهم ، وسيأتي ايضاحه في قوله تعالى يسئلونك عن الأهلة. قوله : (الْقُرْآنُ) هو لغة من القرء وهو الجمع واصطلاحا اللفظ المنزل على النبي صلىاللهعليهوسلم المتعبد بتلاوته للإعجاز بأقصر سورة منه. قوله : (في ليلة القدر منه) أي فقد حوى رمضان مزيتين : نزول القرآن فيه ووجود ليلة القدر به ، وليلة القدر به هي المعنية بقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ). والحاصل أن جبريل تلقاه من اللوح المحفوظ ونزل به إلى السماء الدنيا فأملاه للسفرة فكتبته في الصحف على هذا الترتيب ومقرها بيت العزة في سماء الدنيا ، ثم نزل به على النبي في ثلاث وعشرين سنة مفرقا على حسب الوقائع ، فجبريل أملى للسفرة ابتداء وتلقى عنها انتهاء ، والحكمة في نزوله مفرقا تثبيته في قلبه وتجديد الحجج على المعاندين وزيادة إيمان للمؤمنين ، قال تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) وقال تعالى : (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) وقال تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) وتلك الليلة التي نزل فيها القرآن ليلة أربع وعشرين. واعلم أن ليلة القدر تكون في رمضان وقد تنتقل عنه لغيره لكن الغالب كونها في العشر الأواخر منه ، والغالب