أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) من عدوكم أي احترزوا منه وتيقظوا له (فَانْفِرُوا) انهضوا إلى قتاله (ثُباتٍ) متفرقين سرية بعد أخرى (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) (٧١) مجتمعين (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) ليتأخرن عن القتال كعبد الله بن أبي المنافق وأصحابه وجعله منهم من حيث الظاهر واللام في الفعل للقسم (فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) كقتل وهزيمة (قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً) (٧٢) حاضرا فأصاب (وَلَئِنْ) لام قسم (أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ) كفتح وغنيمة (لَيَقُولَنَ) نادما (كَأَنْ) مخففة واسمها محذوف أي كأنه (لَمْ تَكُنْ) بالياء والتاء (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) معرفة وصداقة وهذا راجع إلى قوله قد أنعم الله على اعترض به بين القول ومقوله وهو (يا) للتنبيه (لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧٣) آخذ حظا وافرا من الغنيمة قال تعالى (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) لإعلاء دينه (الَّذِينَ يَشْرُونَ) يبيعون (الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ) يستشهد (أَوْ يَغْلِبْ) يظفر بعدوه (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٧٤) ثوابا
____________________________________
خبير) أي لا يخبرك بأحوال الجنة وغيرها ، مثل خبير عالم ببواطن الأشياء كظواهرها الذي هو الله تعالى. قوله : (حِذْرَكُمْ) هو والحذر بفتحتين مصدران بمعنى التحفظ والتيقظ وهو مبالغة ، كأنه جعل حفظ النفس آلة تؤخذ ، وبعضهم فسّر الحذر بآلة الحرب ، وعليه فلا مبالغة في قوله : (خُذُوا).
قوله : (فَانْفِرُوا) فعله نفر ينفر من باب ضرب وقعد ، مصدره النفر والنفور والنفير. قوله : (ثُباتٍ) جمع ثبة وهي الجماعة من الرجال فوق العشرة إلى المائة ، والسرية الجماعة أقلها مائة وغايتها أربعمائة ، والمنسر من أربعمائة إلى ثمانمائة ، والجيش من ثمانمائة إلى أربعة آلاف ، والجحفل ما زاد على ذلك. قوله : (سرية بعد أخرى) أي جماعات بعد جماعات ، سرية أو غيرها. قوله : (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) هذا التخيير لولاة الأمور بحسب اجتهادهم. قوله : (لَمَنْ) اللام لام ابتداء دخلت على اسم إن لوقوع الخبر فاصلا. وقوله : (ليتأخرن) أشار بذلك إلى أن بطأ لازم بمعنى قام به البطء وهو التأخر ، ويصح أن يكون متعديا ، والمفعول محذوف أي غيره ، فالمعنى يكسلن غيره عن القتال. قوله : (من حيث الظاهر) أي وإلا ففي نفس الأمر ليس منهم بل هو عدو لهم. قوله : (وهزيمة) أي لبعض الجيش ، وإلا فمن قال إن رسول الله هزم ، فقد كفر ، وما وقع في أحد وهوازن كان لأطراف الجيش من حيث الغنيمة. قوله : (فأصاب) هو بالنصب بأن مضمرة بعد فاء السببية بعد الأمر.
قوله : (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ) هذه الآية معنى قوله تعالى (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ) قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى التاء الأمر ظاهر ، وعلى الياء فالمودة بمعنى الود. قوله : (وهذا راجع) أي قوله كأن لم يكن بينكم وبينه مودة ، والمعنى حاله في الفرح بمصيبة المسلمين ، كحال من لم يكن بينكم وبينه مودة. قوله : (للتنبيه) أي لدخولها على الحرف ، ويحتمل أنها للنداء ، والمنادى محذوف أي يا هؤلاء. قوله : (فَأَفُوزَ) منصوب بأن مضمرة في جواب النهي بعد فاء السببية. قوله : (فَلْيُقاتِلْ) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إذا ترك المنافقون القتال وتأخروا عنه فليقاتل الخ. قول : (يبيعون) دفع بذلك ما يقال إن القاعدة دخول الباء في الشراء على المتروك ، ولا يصح ذلك هنا لأنه يصير ذما ، فأجاب بأن الشراء بمعنى