المتجاوزين ما حد لهم (وَ) أنشأ (مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً) صالحة للحمل عليها كالإبل الكبار (وَفَرْشاً) لا تصلح له كالإبل الصغار والغنم سميت فرشا لأنها كالفرش للأرض لدنوها منها (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) طرائقه في التحريم والتحليل (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (١٤٢) بين العداوة (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) أصناف بدل من حمولة وفرشا (مِنَ الضَّأْنِ) زوجين (اثْنَيْنِ) ذكر وأنثى (وَمِنَ الْمَعْزِ) بالفتح والسكون (اثْنَيْنِ قُلْ) يا محمد لمن حرم ذكور الأنعام تارة وإناثها أخرى ونسب ذلك إلى الله (آلذَّكَرَيْنِ) من الضأن والمعز (حَرَّمَ) الله عليكم (أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) منهما (أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) ذكرا كان أو أنثى (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ) عن كيفية تحريم ذلك (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٤٣) فيه المعنى من أين جاء التحريم فإن كان من قبل الذكورة
____________________________________
قوله : (وَمِنَ الْأَنْعامِ) معطوف على (جنات) ، وإليه يشير المفسر حيث قدر (أنشأ) ، وفي الحقيقة قوله : (مِنَ الْأَنْعامِ) متعلق بمحذوف حال من : (حَمُولَةً) ، لأنه نعت نكرة تقدم عليها ، وحمولة هو المعطوف على جنات. قوله : (صالحة للحمل عليها) مشى المفسر على أن المراد بالحمولة الصالح للحمل والفرش وما عداه ، والأحسن تفسير الحمولة بالكبار ، أعم من أن تكون إبلا أو بقرا أو غنما ، والفرش بالصغار منها ، ويدل عليه قوله : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) ، وقيل الحمولة كل ما حمل عليه من إبل وغيرها ، والفرش ما اتخذ من الصوف والوبر والشعر. قوله : (سميت) أي الإبل الصغار والغنم.
قوله : (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ) أي من جمع الثمار والأنعام والحرث. قوله : (في التحريم والتحليل) أي في الحرث والأنعام ، بأن تحللوا شيئا وتحرموا آخر ، كما تقول المشركون. قوله : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ) تعليل لما قبله. قوله : (بين العداوة) أي ظاهرها لوجود عداوته لأبينا آدم من قبل ، واتصالها بأبنائه من بعده ، ولذلك قيل : إن المولود في حال ولادته ينخسه الشيطان ، فيصرخ عند ذلك من شدة عداوته.
قوله : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) يطلق الزوج على الشيئين المتلازمين اللذين يحصل بينهما التناسل ، وعلى أحدهما ، وهو المراد هنا. قوله : (بدل من حمولة وفرشا) أي بدل مفصل من مجمل. قوله : (مِنَ الضَّأْنِ) بدل من ثمانية أزواج على جواز الابدال من البدل. قوله : (اثْنَيْنِ) أي وهما الكبش والنعجة. وقوله : (مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) أي التيس والمعز. قوله : (بالفتح والسكون) أي فهما قراءتان سبعيتان قوله : (لمن حرم ذكور الأنعام) أي بعض ذكورها. وقوله : (وإناثها) أي بعض إناثها. قوله : (آلذَّكَرَيْنِ) بمد الهمزة الثانية مدا لازما قدر ثلاث ألفات أو تسهيلها ، وهو منصوب بالعامل الذي بعده وهو : (حَرَّمَ) قدم لأن مدخول الاستفهام له الصدارة. قوله : (أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) أم عاطفة على الذكرين ، وكذلك أم الثانية عاطفة على الموصولة على ما قبلها ، ومحلها نصب أيضا تقديره أم الذي اشتملت عليه ، وأم في كل منهما متصلة مقابلة لهمزة الاستفهام.
قوله : (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ) أي أخبروني خبرا ملتبسا بعلم ناشىء عن إخبار من الله بأنه حرم ما ذكره وهي جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه ، قصد بها إلزام الحجة لهم. قوله : (عن كيفية تحريم ذلك) أي جهته وسببه. قوله : (فإن كان من قبل الذكورة الخ) أي فإن كان سبب التحريم الذكورة ، لزمكم تحريم