المصنوعات وغيرها (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) بأن أخذلهم فلا يتفكرون فيها (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ) طريق (الرُّشْدِ) الهدى الذي جاء من عند الله (لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) يسلكوه (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِ) الضلال (يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ) الصرف (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) (١٤٦) تقدم مثله (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ) البعث وغيره (حَبِطَتْ) بطلت (أَعْمالُهُمْ) ما عملوه في الدنيا من خير كصلة رحم وصدقة فلا ثواب لهم لعدم شرطه (هَلْ) ما (يُجْزَوْنَ إِلَّا) جزاء (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٤٧) من التكذيب والمعاصي (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ) أي بعد ذهابه إلى المناجاة (مِنْ حُلِيِّهِمْ) الذي استعاروه من قوم فرعون بعلة عرس فبقي عندهم (عِجْلاً) صاغه لهم منه السامري (جَسَداً)
____________________________________
يتدبرون. قوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ) حال من (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ) أي حال كونهم متلبسين بالدين الغير الحق. قوله : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) أي لوجود الطبع على قلوبهم ، وفي الآية إشارة إلى أن المتكبر المعترض ، لا يستفيد نورا ولا خيرا من الذي اعترض وتكبر عليه. قوله : (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا) أي بسبب تكذيبهم. قوله : (تقدم مثله) أي في قوله : (فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِ) ، (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ). قوله : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا) مبتدأ ، وجملة : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) خبره. قوله : (لعدم شرطه) أي الثواب وهو الإيمان ، فالإيمان شرط في الثواب لأنه مقدار من الجزاء ، يعطى للمؤمنين في مقابلة أعمالهم الحسنة ، فأعمال الكفار الحسنة ، لا تتوقف على نية يجازون عليها في الدنيا ، أو يخفف عنهم من العذاب غير الكفر ، لكنه لا يقال له ثواب ، كذا قرر الأشياخ. قوله : (هَلْ يُجْزَوْنَ) استفهام إنكاري بمعنى النفي ، ولذا أشار له المفسر بقوله : (ما).
قوله : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى) عطف قصة على قصة ، والواو لا تقتضي ترتيبا ولا تعقيبا ، لأن عبادتهم العجل كانت زمن المكالمة في مدة العشرة الأيام الزائدة فوق الثلاثين. قوله : (مِنْ حُلِيِّهِمْ) جمع حلي بفتح فسكون ، وأصله حلوى ، اجتمعت الواو والياء وسبقت أحدهما بالسكون ، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء ، وقلبت ضمة اللام كسرة لتصح الياء. قوله : (الذي استعاروه من قوم فرعون) أي قبل غرقهم. قوله : (فبقي عندهم) أي ملكا لبني إسرائيل ، كما ملكوا غيرهم من أموالهم وديارهم ، ولذا أضافه الله لهم ، وأما قول المفسر : (استعاروه) فهو باعتبار ما كان.
قوله : (عِجْلاً) وهذا العجل قد حرقه موسى عليهالسلام ونسفه في البحر ، كما قصه الله تعالى في سورة طه. قوله : (صاغه لهم منه السامري) واسمه موسى ، كان ابن زنا ، وضعته أمه في جبل ، فأرسل الله إليه جبريل فصار يرضعه من أصبعه ، فكان يعرفه إذا نزل إلى الأرض ، فلما نزل جبريل يوم غرق فرعون ، وكان راكبا فرسا ، فكان كل شيء وطئته بحافرها يخضر ويثمر ، ففطن موسى السامري لذلك ، وعلم أن هذا التراب له أثر ، فأخذ شيئا منه وادخره ، فلما توجه موسى للمناجاة صنع لهم العجل ووضع التراب في فيه فصار له خوار ، فقال : هذا إلهكم وإله موسى ، فنسي كما في سورة طه ، وكان موسى السامري منافقا ، وانظر إلى من رباه جبريل حيث كان منافقا ، وإلى من رباه فرعون حيث كان مرسلا ،