وكانوا يحجون بلا زاد فيكونون كلا على الناس (وَتَزَوَّدُوا) ما يبلغكم لسفركم (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) ما يتقى به سؤال الناس وغيره (وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) (١٩٧) ذوي العقول (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) في (أَنْ تَبْتَغُوا) تطلبوا (فَضْلاً) رزقا (مِنْ رَبِّكُمْ) بالتجارة في الحج نزل ردا لكراهتهم ذلك (فَإِذا أَفَضْتُمْ) دفعتم (مِنْ عَرَفاتٍ) بعد الوقوف بها (فَاذْكُرُوا اللهَ) بعد المبيت بمزدلفة بالتلبية والتهليل والدعاء (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) هو جبل في آخر المزدلفة يقال له قزح وفي الحديث «أنه صلىاللهعليهوسلم وقف به يذكر الله ويدعو حتى أسفر جدا» رواه مسلم (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) لمعالم دينه ومناسك حجه والكاف للتعليل (وَإِنْ) مخففة (كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ) قبل هداه (لَمِنَ الضَّالِّينَ) (١٩٨) (ثُمَّ أَفِيضُوا) يا قريش (مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) أي من عرفة بأن تقفوا بها
____________________________________
حديثي عهد بإسلام ويزعمون أنهم متوكلون. قوله : (كلا على الناس) أي عالة. قوله : (وغيره) أي كالغصب والسرقة. قوله : (نزل ردا لكراهتهم ذلك) أي فلا بأس بالتجارة بالحج إذا كانت لا تشغله عن أفعاله ، واختلف هل التجارة تنقص ثواب الحج أو لا ، قال بعضهم إن كانت التجارة أكبر همه ومبلغ علمه سقط الفرض عنه وليس ثوابه كمن لا قصد له إلا الحج ، وإن استوى الأمران فلا يذم ولا يمدح وإن كانت التجارة تبعا للحج فقد حاز خير الدنيا والآخرة.
قوله : (مِنْ عَرَفاتٍ) هو مصروف ويصح منعه من الصرف للعلمية والتأنيث لأنه علم على البقعة. قوله : (بعد الوقوف بها) أعلم أن الركن عند مالك إدراك جزء من الليل ، وأما النهار فهو واجب يجبر بالدم ، وعند الشافعي أحدهما كاف ، فمن أدرك جزءا من الليل وجزءا من النهار فقد تم حجه باتفاق ، والأفضل الوقوف عند الصخرات العظام هناك لأنه موقف رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (بعد المبيت بمزدلفة) أي ويجمعون بها المغرب والعشاء جمع تأخير ويقصرون العشاء إلا أهلها ويستمرون بها إلى صلاة الصبح فيصلونها ثم يتوجهون إلى المشعر الحرام فيقفون به إلى الأسفار. قوله : (التلبية) هذا جرى على مذهب الشافعي ، وأما عند مالك فيقطع التلبية من وصوله لعرفة وصلاته الظهر والعصر بها. قوله : (هو جبل في آخر المزدلفة) أي من جهة منى عند منارة بلا جامع. قوله : (قزح) على وزن عمر. قوله : (والكاف للتعليل) أي فالمعنى اذكره لأجل هدايته إياكم ، ولأجل أنكم كنتم قبل ذلك من الضالين. قوله : (وَإِنْ) (مخففة) أي مهملة لا عمل لها. قوله : (لَمِنَ الضَّالِّينَ) أي من التائهين عن الهدى فهي نعمة ثانية يجب الشكر عليها ، قال تعالى في مقام تعداد النعم : (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) الآية.
قوله : (ثُمَّ أَفِيضُوا) أي قفوا بعرفة ، وتقدم أن معنى الإفاضة الدفع فأطلقه وأراد لازمه وهو الوقوف. قوله : (ترفعا) أي تكبرا. قوله : (وثم للترتيب في الذكر) جواب عن سؤال مقدر حاصله أن الإتيان بثم يقتضي أن الأمر بالوقوف بعد رجوع الناس من عرفة ووصولهم منى مع أن الأمر ليس كذلك ، فأجاب المفسر بذلك ، وأجيب أيضا بأن ثم بمعنى الواو وهي لا تقتضي ترتيبا وأجيب أيضا بأن في الكلام تقديما وتأخيرا ، فقوله : (ثم أفيضوا) معطوف على قوله فاتقون ، وقوله : (فإذا أفضتم) مرتب عليه ،