على قاتله (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) الرقبة بأن فقدها وما يحصلها به (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) عليه كفارة ولم بذكر الله تعالى الانتقال إلى الطعام كالظهار وبه أخذ الشافعي في أصح قوليه (تَوْبَةً مِنَ اللهِ) مصدر منصوب بفعله المقدر (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بخلقه (حَكِيماً) (٩٢) فيما دبره لهم (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) بأن يقصد قتله بما يقتل غالبا عالما بإيمانه (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ) أبعده من رحمته (وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٩٣) في النار وهذا مؤول
____________________________________
النصف من الحر المسلم ، كأنثى الحر المسلم. قوله : (وثلثا عشرها إن كان مجوسيا) هذا باتفاق بين مالك والشافعي ، وأنثاه على النصف منه. قوله : (الرقبة) قدره إشارة إلى أن مفعول يجد محذوف. قوله : (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) يقال فيه من الإعراب ما قيل في (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ). قوله : (وبه أخذ الشافعي) أي ومالك. قوله : (المقدر) أي وتقديره تاب الله عليكم توبة ، ويصح أن يكون مفعولا لأجله ، أي شرع لكم ذلك لأجل التوبة عليكم وهو الأحسن ، إن قلت : إن الخطأ ليس بذنب فما معنى التوبة منه؟ أجيب : بأن ذلك لجبر الخلل الذي حصل منه في عدم إمعان النظر والتحفظ.
قوله : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) مقابل قوله من قتل مؤمنا خطأ ، وقوله متعمدا أي عدوانا ليخرج المقتول قصاصا أو حدا ، كالزاني المحصن والمحارب. وسبب نزولها : أن رجلا يقال له مقيس بن صبابة أسلم هو وأخوه هشام على يد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة ، ثم إن مقيسا وجد أخاه مقتولا في بني النجار ، فقال لهم : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فأرسل معه رجلا يقال له فهر من بني مهران إلى بني النجار ، فقال لهم : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمركم أنكم إذا عرفتم عين القاتل فسلموه لمقيس ، وإن لم تعرفوه فأعطوا له الدية ، فقالوا سمعا وطاعة إنا لا نعرف عين القاتل وأعطوه مائة بعير! فلما ذهب من عندهم سول الشيطان لمقيس أن يقتل فهرا بدل أخيه ، فتأخر عنه وضربه فقتله وركب بعيرا وساق باقيها راجعا إلى مكة ، وقال شعرا في ذلك :
قتلت به فهرا وأحملت عقله |
|
سراة بني النجّار أرباب قارع |
وأدركت ثأري واضطجعت توسّدا |
|
وكنت إلى الأصنام أوّل راجع |
فنزلت فيه الآية ، ولما كان عام الفتح استثناه النبي ممن أمنه! فقتله الصحابة وهو متعلق بأستار الكعبة ، فعلى هذا الخلود في الآية على ظاهره. قوله : (خالِداً) حال من الضمير في جزاؤه. قوله : (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ) معطوف على محذوف ، والتقدير حكم الله عليه بذلك وغضب الله عليه. قوله : (وَلَعَنَهُ) عطف على (غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ) مرادف لأن اللعنة هي الغضب. قوله : (وهذا مؤول إلخ) يشرع في ذكر الأجوبة عن السؤال الوارد على الآية. وحاصله أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وظاهر الآية يقتضي أن جزاء القاتل عمدا الخلود في النار ، ولو مات مؤمنا ، وليس كذلك فأجاب المفسر عن ذلك بثلاثة أجوبة : الأول أنه محمول على المستحل لذلك ، الثاني أن هذا جزاؤه إن جوزي ، أي إن عامله الله بعد له ، جازاه بذلك ، وإن عامله بفضله فجائز أن لا يدخله النار ، ولكن في هذا الجواب شيء ، لأن فيه تسليم أنه إذا جوزي يخلد في النار ، وهو غير سديد للقواطع الدالة على أنه لا يخلد في النار إلا من مات على الكفر ، وقد أجاب البيضاوي بجواب آخر : أن يحمل الخلود على طول المكث ،