لأقوالكم (عَلِيمٌ) (١٢١) بأحوالكم وهو يوم أحد خرج النبي صلىاللهعليهوسلم بألف أو إلا خمسين رجلا والمشركون ثلاثة آلاف ونزل بالشعب يوم السبت سابع شوال سنة ثلاث من الهجرة وجعل ظهره وعسكره إلى أحد وسوى صفوفهم وأجلس جيشا من الرماة وأمر عليهم عبد الله بن جبير بسفح الجبل وقال انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا ولا تبرحوا غلبنا أو نصرنا (إِذْ) بدل من إذ قبله (هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ) بنو سلمة وبنو حارثة جناحا العسكر (أَنْ تَفْشَلا) تجبنا عن القتال وترجعا لما رجع عبد الله بن أبي المنافق وأصحابه وقال علام نقتل أنفسنا وأولادنا وقال لأبي جابر السلمي القائل له أنشدكم الله في نبيكم وأنفسكم لو نعلم قتالا لاتبعناكم فثبتهما الله ولم ينصرفا
____________________________________
بالتاء كما هو عادته.
قوله : (وَإِذْ غَدَوْتَ) جمهور المفسرين على أن هذه الآية متعلقة بغزوة أحد ، وقيل بغزوة بدر ، وقيل بغزوة الأحزاب ، والصحيح الأول ، ولذا مشى المفسر عليه. قوله : (مِنْ أَهْلِكَ) أي من بيت أهلك وهي زوجته عائشة ، وكان قدوم جيش الكفار يوم الأربعاء رابع شوال وأميرهم إذا ذاك أبو سفيان فجمع صلىاللهعليهوسلم الأنصار والمهاجرين وشاورهم في الخروج لهم أو المكث في المدينة ينتظرونهم ، فأشار عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين هو وجماعة من الأنصار بعدم الخروج فإن أبوا قاتلوهم الرجال والنساء ، وأشار جماعة بالخروج ، فدخل صلىاللهعليهوسلم منزله ولبس لأمته وخرج فقال هلموا إلى الخروج ، فقالوا يا رسول الله ما لنا رأي معك ، فقال ما من نبي يلبس لأمته ويرجع حتى يحكم الله له بين عدوه ، وكان قد رأى في المنام بقرا ودرعا حصينا وضع يده فيه وثلما في ذبابة سيفه ، فقالوا ما أولته فقال أما البقر فخير ، وأما الدرع الحصين فهي المدينة ، وأما الثلم في السيف فهزيمة ، فخرج صلىاللهعليهوسلم هو وأصحابه بعد صلاة الجمعة ، فلما أصبحوا جعل الجيش خمسة أقسام ، جناحان ومقدم وساقة ووسط ، وأنزل كلا في منزلته ، وأمرهم أن يثبتوا مكانهم ولا يتحولوا ، وأخبرهم أنه بمجرد ملاقاة الصفوف تحصل الهزيمة للكفار ، فلما التقى الصفان ولى عبد الله بن أبي بن سلول هو وجماعته الثلثمائة وقالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم ، ولم يبق إلا ستمائة وخمسون ، فهزم الصحابة الكفار أولا واشتغلوا بالغنيمة ، فنزع الله من قلوب الكفار الرعب فكروا عليهم مرة واحدة ، ففر المسلمون ما عدا النبي وبعض الصحابة ، فبعد ذلك اجتمع المسلمون للقتال ، فقتل من كل سبعون وكان العزة لله ورسوله. قوله : (وهو يوم أحد) أي وهو قول جمهور المفسرين وهو المعتمد. قوله : (أو إلا خمسين) أي فهما قولان. قوله : (سابع شوال) وقيل كان في نصفه فيكون قدوم الكفار يوم اثني عشر منه. قوله : (وعسكره) بالجر معطوف على الضمير المجرور في ظهره أي وجعل ظهر عسكره. قوله : (وأجلس جيشا من الرماة) أي وهم المسلمون بالساقة. قوله : (وقال انضحوا) أي فرقوا من النضح وهو الرش ، والمعنى فرقوا الأعداء عنا بالنبل. قوله : (ولا تبرحوا) هذا في الحقيقة خطاب وأمر للجميع. قوله : (هَمَّتْ طائِفَتانِ) أي أرادت ولما كان الهم بالمعصية لا يكتب مدحهم الله بقوله : (وَاللهُ وَلِيُّهُما) وأما بالطاعة فيكتب ، وأما العزم فيكتب خيرا أو شرا ، وما دون ذلك من مراتب القصد لا يكتب أصلا لا خيرا ولا شرا. قال بعضهم :
مراتب القصد خمس هاجس ذكروا |
|
فخاطر فحديث النفس فاستمعا |