تقطع (بِالْأُذُنِ وَالسِّنَ) تقلع (بِالسِّنِ) وفي قراءة بالرفع في الأربعة (وَالْجُرُوحَ) بالوجهين (قِصاصٌ) أي يقتص فيها إذا أمكن كاليد والرجل والذكر ونحو ذلك وما لا يمكن فيه الحكومة وهذا الحكم وإن كتب عليهم فهو مقرر في شرعنا (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ) أي بالقصاص بأن مكن من نفسه (فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) لما أتاه (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) في القصاص وغيره (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥) (وَقَفَّيْنا) أتبعنا (عَلى آثارِهِمْ) أي النبيين (بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) قبله (مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً) من الضلالة (وَنُورٌ) بيان للأحكام
____________________________________
تؤخذ ليصلح للجميع ، والجملة من أن واسمها وخبرها في محل نصب على المفعولية بكتبنا ، واعلم أنه قرىء بنصب الجميع وهو ظاهر لأنه معطوف على اسم أن ، وقرىء برفع الأربعة مبتدأ وخبر معطوف على جملة أن واسمها وخبرها ويؤول كتبنا بقلنا ، فالجمل كلها في محل نصب مقول القول وهو الأحسن ، وقرىء بنصب الجميع ما عدا الجروح فبالرفع مبتدأ وخبر معطوف على أن واسمها وخبرها.
قوله : (وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ) بضم الذال وسكونها قراءتان سبعيتان. قوله : (بالوجهين) أي الرفع والنصب عند نصب الجميع ، وأما عند رفع ما قبله فبالرفع لا غير. قوله : (وما لا يمكن) ما اسم موصول مبتدأ ، وقوله : (فيه الحكومة) خبر قوله : (فيه الحكومة) أي بأن يقدر رقيقا سالما من العيوب ، ثم ينظر لما نقصه فيؤخذ بنسبته من الدية ، وظاهر المفسر أن كل ما لا يمكن فيه القصاص فيه الحكومة ولعله مذهبه ، وإلا فمذهب مالك الحكومة في كل ما لم يرد فيه شيء مقرر في الخطأ ، وإلا ففيه ما قرر في الخطأ كرض الأنثيين وكسر الصلب ففيه الدية كاملة ، وفي نحو الجائفة والآمة ثلثها على ما هو مبين في المذاهب. قوله : (بأن مكن) أي القاتل من نفسه للقصاص ، ويحتمل أن المعنى فمن تصدق به أي القصاص بأن عفا الولي عن القاتل فهو كفارة لما عليه من الذنوب ، والحاصل أن القاتل تعلق به ثلاث حقوق : حق لله وحق للولي وحق للمقتول ، فإن سلم القاتل نفسه طوعا تائبا سقط حق الله وحق الولي ويرضي الله المقتول من عنده ، وأما إن أخذ القاتل كرها وقتل من غير توبة فقد سقط حق الولي وبقي حق الله وحق المقتول ، هكذا ذكره ابن القيم وهو مبني على أن الحدود زواجر ، أما على ما مشى عليه مالك من أن الحدود جوابر ، فمتى قتل ولو من غير توبة فقد سقطت الحقوق كلها ، لأن السيف يجب ما قبله.
قوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أي لمخالفة شرع الله مع عدم استحلاله لذلك ، وعبر فيما تقدم بالكافرون لتبديلهم وتغييرهم ما أنزل الله واستحلالهم لذلك. قوله : (وَقَفَّيْنا) شروع في ذكر ما يتعلق بفضل عيسى وكتابه ، بعد ذكر فضل موسى وكتابه ، وقفينا من التقفيه وهي الإتيان في القفا ، ومعناه العقب ، وقد ضمن قفينا معنى جئنا فلا يقال يلزم عليه أن التضعيف كالهمزة ، فمقتضاه أن يتعدّى لمفعولين ، بأن يقال مثلا وقفيناهم عيسى. قوله : (أتبعنا) أي جئنا بعيسى تابعا لآثارهم. قوله : (أي النبيين) أي المتقدم ذكرهم في قوله يحكم بها النبيون ، فالأنبياء الذين بين موسى وعيسى يعملون بالتوراة ويحكمون بها بين الناس ، فلما جاء عيسى نسخ العمل بالتوراة ، وصار الحكم للإنجيل قوله : (مُصَدِّقاً) حال من عيسى ، وقوله : (مِنَ التَّوْراةِ) بيان لما. قوله : (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ) معطوف على قفينا. قوله : (فِيهِ) خبر مقدم ، و (هُدىً) مبتدأ مؤخر (وَنُورٌ) معطوف عليه ، والجملة حال من الإنجيل ، والمراد