اليمين على الورثة (أَدْنى) أقرب إلى (أَنْ يَأْتُوا) أي الشهود أو الأوصياء (بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) الذي تحملوها عليه من غير تحريف ولا خيانة (أَوْ) أقرب إلى أن (يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) على الورثة المدعين فيحلفون على خيانتهم وكذبهم فيفتضحون ويغرمون فلا يكذبوا (وَاتَّقُوا اللهَ) بترك الخيانة والكذب (وَاسْمَعُوا) ما تؤمرون به سماع قبول (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (١٠٨) الخارجين عن طاعته إلى سبيل الخير اذكر (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) هو يوم القيامة (فَيَقُولُ) لهم توبيخا لقومهم (ما ذا) أي الذي (أُجِبْتُمْ) به حين دعوتم إلى التوحيد (قالُوا لا عِلْمَ لَنا) بذلك (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (١٠٩) ما غاب عن العباد وذهب عنهم علمه
____________________________________
اسم أحدهما وهو عمرو بن العاص ، والثاني هو المطلب بن وداعة. قوله : (من رد اليمين على الورثة) أي توجهها عليهم بعد أن حلف تميم وعدي وظهر كذبهما.
قوله : (أَنْ يَأْتُوا) المقام للتثنية ، وكذا قوله : (أَوْ يَخافُوا) أيضا وإنما جمع لأن المراد ما يعم الشاهدين المذكورين وغيرهما ، وإنما ردت اليمين على الوارث ، مع أن حقها أن تكون من الوصي لا غير ، لأنه مدعى عليهما ، إما لظهور خيانتهما فبطل تصديقهما باليمين ، أو لتغير الدعوى أي انقلابها لأنه صار المدعى عليه مدعيا حيث ادعى الملك. قوله : (فلا يكذبوا) أي فلا يأتوا باليمين كاذبة ، والمعنى أنه إنما شرع الله رد اليمين على الورثة في مثل هذه الواقعة ، ليتحفظ الشاهد أو الوصي من اليمين الكاذبة أو يبنى على حصول الفضيحة. قوله : (إلى سبيل الخير) متعلق بيهدي ، وفي بعض النسخ إلى سبيل الشر ، فيكون متعلقا بالخارجين.
ـ تنبيه ـ ما كتبناه في تفسير تلك الآيات الثلاث هو جهل المقل ، وإلا فلم يزل العلماء يستشكلونها ، إعرابا وتفسيرا وأحكاما ، وقالوا إنها من أصعب آي القرآن وأشكله.
قوله : (اذكر) قدره المفسر إشارة إلى أن يوم ظرف متعلق بمحذوف. قوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) أي الثلثمائة وثلاثة عشر أو أربعة عشر ، أو خمسة ، والحق أنه لا يعلم عدتهم إلا الله تعالى. قوله : (فَيَقُولُ) مقتضى الآية أنه يجمعهم في سؤال واحد ، ولكن يرى كل واحد منهم أنه المسؤول لا غيره ، وترى كل أمة أن رسولها هو المسؤول ، ولا مانع من ذلك ، فإن الله يحول بين المرء وقلبه. قوله : (توبيخا لقومهم) دفع بذلك ما يقال : كيف يسأل الله الرسل مع أنه العالم بالحقيقة؟ فأجاب : بأن حكمة السؤال توبيخ الأمم على ما وقع منهم من الكفر والعصيان ، وليس المقصود أن الله يعلم شيئا لم يكن عالما به من قبل ، تنزه الله عن ذلك ، يوضح هذا الجواب قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) إلى أن قال : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً). قوله : (أي الذي) أشار بذلك إلى أن ما اسم استفهام مبتدأ ، وذا اسم موصول خبر ، وأجبتم صلته ، والعائد محذوف قدره المفسر بقوله به ، قال ابن مالك :
ومثل ماذا بعد ما استفهام |
|
أو من إذا لم تلغ في الكلام |
قوله : (بذلك) أي بما أجبنا به. قوله : (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) علة لما قبله ، أي فعلمنا في