إلى الهدى (كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) يصوت (بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) أي صوتا ولا يفهم معناه أي هم في سماع الموعظة وعدم تدبرها كالبهائم تسمع صوت راعيها ولا تفهمه هم (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (١٧١) الموعظة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ) حلالات (ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) على ما أحل لكم (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (١٧٢) (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) أي أكلها إذ الكلام فيه وكذا ما بعدها وهي ما لم يذكّ شرعا وألحق بها بالسنة ما أبين من حي وخص
____________________________________
السيف وفي الآخرة النار وعذابها. قوله : (بِما لا يَسْمَعُ) الباء بمعنى على. قوله : (وَنِداءً) عطف مرادف. قوله : (كالبهائم) أي الوحشية وإلا فالإنسية ربما تسمع صوت راعيها وتنزجر به. قوله : (هم) (صُمٌ) أشار بذلك إلى أن صم وما عطف عليه خبر لمبتدأ محذوف ، وقوله صم أي لا يسمعون المواعظ ولا ينزجرون بها ، وقوله : (بُكْمٌ) أي لا ينطقون بالحق ، وقوله عمي أي لا ينظرون الهدى ولا يتبعونه وإن كانت صورة الحواس موجودة. قوله : (فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) نتيجة ما قبله.
تنبيه : ما حل به المفسر هذه الآية هو أظهر التفاسير لأنهم اختلفوا في ذلك فمنهم من قال مثل ما قال المفسر ، ومنهم من قال إن المثل مضروب لتشبيه الكافر في دعائه للأصنام بالناعق على البهائم ، ومنهم من قال غير ذلك.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) جرت عادة الله في كتابه غالبا ومناداة أهل مكة بيا أيها الناس ، ومناداة أهل المدينة بيا أيها الذين آمنوا. قوله : (حلالات) أي مستلذة كانت أو لا أو المراد المستلذات وتقدم ذلك ، ويطلق الطيب في المأكولات على الطاهر ، قال تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) وقوله من طيبات من تبعيضية في موضع المفعول ، والأمر للوجوب بالنسبة لإقامة البنية ، وللندب بالنسبة للإستعانة على أمور مندوبة ، وللإباحة إن كان تفكها أو تبسطا. قوله : (ما رَزَقْناكُمْ) يصع أن تكون ما مصدرية أي من طيبات رزقنا إياكم أو اسم وصول. والجملة صلة أو نكرة موصوفة والجملة صفة أي من طيبات الشيء الذي رزقناكموه ، أو شيء رزقناكموه ويؤخذ من ذلك أن ذلك الرزق بعضه حلال وبعضه غير حلال وهو مذهب أهل السنة ، قال في الجوهرة :
فيرزق الله الحلال فاعلما |
|
ويرزق المكروه والمحرما |
قوله : (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) أي اعتقدوا أن النعم صادرة لكم من الله ، وهو بذلك المعنى واجب وإنكاره كفر ، أو المعنى راقبوا في كل لحظة أن كل نعمة من الله وهو بهذا المعنى مندوب لأن هذا مقام الخواص. قوله : (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) إن شرطية وكنتم فعل الشرط ، والتاء اسمها وجملة تعبدون خبرها وإياه مفعول تعبدون قدم رعاية للفواصل وللحصر ، وجواب الشرط محذوف دل عليه الأمر أي فكلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله.
قوله : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) المقصود من هذا الحصر الرد على من حرم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وعلى من أحل بعض المحرمات فالحصر إضافي. قوله : (وهو ما لم يذك شرعا) أي إما لكونها لا تعمل فيه أصلا كالبغال والحمير أو تعمل فيه ولكن لم يذك كالأنعام إجماعا والخيل على مذهب الشافعي. قوله : (ما أبين من حي) أي فهو ميتة. قوله : (وخص منها السمك والجراد) أي لما في الحديث