أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) لله من هذه الأمة (وَ) قيل لي (لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٤) به (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) بعبادة غيره (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥) هو يوم القيامة (مَنْ يُصْرَفْ) بالبناء للمفعول أي العذاب وللفاعل أي الله والعائد محذوف (عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ) تعالى أي أراد له الخير (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) (١٦) النجاة الظاهرة (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ) بلاء كمرض وفقر (فَلا كاشِفَ) رافع (لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ) كصحة وغنى (فَهُوَ عَلى كُلِ
____________________________________
إضافته لفظية إن كان معناه التجدد والحدوث ، وأما هنا فهو من قبيل الصفة المشبهة ، فيكون وصفا ثابتا له ، وهذه الجملة كالدليل لما قبلها. قوله : (مبدعهما) أي موجدهما على غير مثال سبق ، ففاطر من الفطرة وهي الخلقة ، وفطر خلق وأنشأ ، قال ابن عباس : ما كنت أدري ما معنى فطر وفاطر ، حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر ، فقال أحدهما أنا فطرتها أي أنشأتها وابتدأتها. قوله : (أي يرزق) تفسير بالأعم ، لأن المعنى يرزق مطعوما أو غيره ، فليس المراد من الآية قصره على المطعوم.
قوله : (وَلا يُطْعَمُ) أي لأن المرزوق محتاج لمن يرزقه ، وتنزه الله عن الاحتياج. قوله : (أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) يحتمل أن من نكرة موصوفة ، فجملة أسلم صفة. والمعنى أن أكون أول فريق أسلم ، أو اسم موصول وما بعدها صلة ، والتقدير أول الفريق الذي أسلم. وقوله : (أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ) الخ أي أمرني ربي أن أكون أول المسلمين ، لأنه يجب عليه الإيمان بأنه رسول ، وبما جاء به من الشرع والأحكام ، فهو أول المسلمين على الاطلاق. قوله : (وَ) (قيل لي الخ) أشار بذلك إلى أن قوله (وَلا تَكُونَنَ) معمول لقول محذوف ، والجملة معطوفة على جملة أمرت ، والمعنى أمرني ربي بأن أكون أول من أسلم ، ونهاني بقوله (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، وهذه الجملة لازمة لما قبلها. قوله : (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) معمول لأخاف ، وجملة (إِنْ عَصَيْتُ) شرطية وجوابها محذوف دل عليه قوله : (أَخافُ) وهي معترضة بين الفعل وهو أخاف ، ومعموله وهو عذاب.
قوله : (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ) من اسم شرط ، ويصرف فعل الشرط ، ونائب الفاعل مستتر يعود على العذاب على القراءة الأولى ، والفاعل الله على القراءة الثانية ، وعنه جار ومجرور متعلق بيصرف. وقوله : (فَقَدْ رَحِمَهُ) جواب الشرط ، وهو معنى قوله تعالى : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ). قوله : (وللفاعل) أي والمفعول محذوف تقديره العذاب ، والمعنى من يصرف الله العذاب عنه يوم القيامة فقد رحمه ، في ذلك تعريض بأن الكفار لا يرحمون لأنه لا يصرف عنهم العذاب قوله : (والعائد محذوف) الأوضح أن يقول والمفعول محذوف ، وهو ضمير يعود على العذاب ، لأن الضمير العائد على من مذكور بقوله عنه ، وأيضا لا يحتاج للعائد إلا الموصول ، ومن ها شرطية لا موصولة. قوله : (وَذلِكَ) أي النجاة يوم القيامة.
قوله : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ) هذا تأييد من الله لرسوله ، فالمعنى لا تخش لومهم بل بلغ ما انزل اليك من ربك ، فإن الله متولي أمرك ، بيده الضر والنفع والمنع والإعطاء ، فهم عاجزون ولا يقدرون على إيصال ضر ولا جلب نفع. قوله : (كمرض وفقر) أي وغلبة واحتياج. قوله : (فَلا كاشِفَ لَهُ) جواب الشرط ، وفعله قوله يمسسك ، ولا نافية للجنس ، وكاشف اسمها مبني معها على الفتح في محل نصب ،