وَآلَ عِمْرانَ) بمعنى أنفسهما (عَلَى الْعالَمِينَ) (٣٣) بجعل الأنبياء من نسلهم (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ) ولد (بَعْضٍ) منهم (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٣٤) اذكر (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ) حنة لما أسنت واشتاقت للولد فدعت الله وأحست بالحمل يا (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ) أن أجعل (لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) عتيقا خالصا من شواغل الدنيا لخدمة بيتك المقدس (فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ) الدعاء (الْعَلِيمُ) (٣٥) بالنيات ، وهلك عمران وهي حامل (فَلَمَّا وَضَعَتْها) ولدتها جارية وكانت ترجو أن يكون غلاما إذ لم يكن يحرر إلا الغلمان (قالَتْ) متعذرة يا (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ
____________________________________
بنوح لكثرة نوحه ، وهو من نسل إدريس لأنه ابن لمك بن متوشلخ بن إدريس عليهم الصلاة والسّلام ، وعمر ألف سنة وخمسين ، والمعنى اختياره بالنبوة والرسالة وجعله من أولي العزم. قوله : (وَآلَ إِبْراهِيمَ) أي اصطفاه بالنبوة والرسالة والخلة ، وعمر إبراهيم مائة وسبعين سنة. قوله : (وَآلَ عِمْرانَ) قيل المراد عمران أبو مريم وهو الأقرب ، وقيل أبو موسى وهارون ، وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة. قوله : (بمعنى أنفسهما) وقيل إنهما حقيقة ، فآل إبراهيم أولاده ، وآل عمران أبو مريم مريم وابنها ، وأبو موسى موسى هارون. قوله : (عَلَى الْعالَمِينَ) المراد عالمو زمانهم.
قوله : (ذُرِّيَّةً) بدل من آدم وما عطف عليه ، وهي إما مأخوذة من الذر أو من الذرء بمعنى الخلق. قوله : (بَعْضُها مِنْ) (ولد) (بَعْضٍ) أي متناسلين من بعض ، فالمراد البعضية في النسب ، وقيل المراد بعضها من بعض في الصلاح والنبوة والرسالة ، فكما أن الأصول أنبياء ورسل كذلك الذرية ، بل في بعضها ما يفوق الأصول جميعها كسيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم.
قوله : (إِذْ قالَتِ) ظرف في محل نصب على المفعولية لمحذوف ، قدره المفسر بقوله : (اذكر) والتقدير أذكر يا محمد وقت قول امرأة عمران ، والمقصود ذكر القصة الواقعة في ذلك الوقت لا ذكر الوقت نفسه. قوله : (حنة) أي بنت فاقود ، وكان لها أخت تسمى إشاع بنت فاقود أيضا متزوجة بزكريا عليهالسلام ، وكان عمران من السادات الصالحين ، وكان له التكلم على سدنة بيت المقدس ، واسم أبيه ماثان قوله : (واشتاقت للولد) سبب ذلك أنها كانت يوما جالسة في ظل الشجرة ، فرأت طائرا يطعم فرخه ويسقيه ، فعطفت واشتاقت للولد من أجل رؤية ذلك الطائر ، فدعت الله أن يرزقها ولدا ونذرت أن تهبه لبيت المقدس يخدمه ، وكان ما من رجل من أشراف بيت المقدس إلا وله ولد منذور لخدمته ، فاستجاب الله دعاءها فحملت ، فلما أحست بالحمل جددت النذر ثانيا بقولها : (رب إني نذرت لك ما في بطني محررا) فلامها زوجها على ذلك حيث أطلقت في نذرها ولم تقيده بالذكر ، فبقيت في حيرة وكرب إلى أن وضعت ، فلما وضعتها ورأتها أنثى اعتذرت إلى الله إلى آخر ما يأتي. قوله : (عتيقا خالصا من شواغل الدنيا) أي وكانوا يفعلون ذلك بالصبيان إلى أن يبلغوا الحلم ، فإذا بلغوا عرضوا ذلك الأمر عليهم ، فإن اختاروا الخدمة مكثوا وكلفوا بها ولا يخرجون لشيء من شواغل الدنيا ، وإن اختاروا عدم الخدمة أجيبوا لذلك. قوله : (وهلك عمران وهي حامل) أي وحين نذرت ذلك النذر لامها فكربت ثم لما وضعتها الخ فهو مرتب محذوف. قوله : (جارية) حال من الهاء في ولدتها.
قوله : (قالَتِ) (معتذرة) حال من فاعل قالت لا إعلاما له تعالى فإنه لا يليق ذلك ، فإنه عالم بها