أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) من أهل الكتاب لأن خلفكم تبع لكم فإثمهم عليكم (وَلا تَشْتَرُوا) تستبدلوا (بِآياتِي) التي في كتابكم من نعت محمد (ثَمَناً قَلِيلاً) عوضا يسيرا من الدنيا أي لا تكتموها خوف فوات ما تأخذونه من سفلتكم (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) (٤١) خافون في ذلك دون غيري (وَلا تَلْبِسُوا) تخلطوا (الْحَقَ) الذي أنزل عليكم (بِالْباطِلِ) الذي تفترونه (وَ) لا (تَكْتُمُوا الْحَقَ) نعت محمد (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٤٢) أنه حق (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٤٣) صلوا مع المصلين محمد وأصحابه. ونزل في علمائهم وكانوا يقولون لأقربائهم المسلمين اثبتوا على دين محمد فإنه حق (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ) بالإيمان بمحمد (وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) تتركونها فلا تأمرونها به
____________________________________
السماوية وزاد عليها. قوله : (من أهل الكتاب) هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره إن أول بعثة النبي في مكة وأول كافر أهلها ولم يأت للمدينة إلا بعد ثلاث عشرة سنة فليس كفار أهل الكتاب بأول كافر أجاب المفسر بأن المراد الذي في أيديهم الكتب بالنسبة لمن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة. فليس المراد الأولية الحقيقية بل النسبية. قوله : (فإثمهم عليكم) أي لأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عملها إلى يوم القيامة. قوله : (تستبدلوا) حول المفسر العبارة لأن الشراء ليس حقيقيا بل هو مطلق استبدال ومعاوضة. قوله : (من نعت محمد) أي أوصافه وأخلاقه التي ذكرت في التوراة والإنجيل. قوله : (من سفلتكم) أي عامتكم. قوله : (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) يقال فيه ما قيل في (وإياي فارهبون).
قوله : (وَلا تَلْبِسُوا) من لبس بالفتح من باب ضرب وأما اللبس وهو سلك الثوب في العنق فمن باب تعب قوله : (الذي تفترونه) أي من تغيير صفات محمد. قوله : (صلوا مع المصلين) أشار بذلك إلى أنه من باب تسمية الكل باسم جزئه ، وآثر الركوع على غيره لأنه لم يكن في شريعتهم ، فكأنه قال : صلوا الصلاة ذات الركوع جماعة. قوله : (ونزل في علمائهم) فاعل نزل جملة أتأمرون الناس والضمير في علمائهم عائد على اليهود ، ومثل ذلك يقال في علماء المسلمين لأن كل آية وردت في الكفار تجر ذيلها على عصاة المؤمنين ، فالحاصل أن العالم إن كان كافرا فهو معذب من قبل عباد الوثن لأن وزر من كفر في عنقه ، وأما إن كان مسلما ولكنه فرط في العمل بالعلم فهو أقبح العصاة عذابا ، هذا هو الحق. فقوله :
وعالم بعلمه لن يعملن |
|
معذب من قبل عباد الوثن |
محمول على العالم الكافر كعلماء اليهود والنصارى. قوله : (لأقربائهم المسلمين) إنما فضحوا معهم ليأسهم من دنياهم.
قوله : (أَتَأْمُرُونَ) سيأتي للمفسر أن الهمزة للإستفهام الإنكاري ، ومحط الإستفهام قوله وتنسون أنفسكم ، أي لا يليق منكم الأمر بالمعروف والبر لغيركم مع كونكم ناسين أنفسكم قال الشاعر :
يا أيها الرجل المعلم غيره |
|
هلا لنفسك كان ذا التعليم |
إلى أن قال :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
وقال الشاعر أيضا :
أتنهى الناس ولا تنتهي |
|
متى تلحق القوم يا لكع |
ويا حجر السن ما تستحي |
|
تسن الحديد ولا تقطع |