نِعْمَتِي) بإكماله وقيل بدخول مكة آمنين (وَرَضِيتُ) أي اخترت (لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) مجاعة إلى أكل شيء مما حرم عليه فأكله (غَيْرَ مُتَجانِفٍ) مائل (لِإِثْمٍ) معصية (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) له ما أكل (رَحِيمٌ) (٣) به في إباحته له بخلاف المائل لإثم أي الملتبس به كقاطع الطريق والباغي مثلا فلا يحل له الأكل (يَسْئَلُونَكَ) يا محمد (ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) من الطعام (قُلْ
____________________________________
يبكيك»؟ فقال : إذا تم شيء بدا نقصه. فقال له : صدقت ، فكانت هذه الآية نعي رسول الله صلىاللهعليهوسلم. روي عن عمر بن الخطاب أن رجلا يهوديا قال له : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، فقال له : أي آية؟ قال : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الآية ، فقال عمر : قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي أنزلت فيه على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة بعد العصر ا ه. وقد تضمن جواب عمر أنهم جعلوا صبيحتها عيدا. قوله : (بإكماله) أي الدين ، والأحسن أن يراد بإتمام النعمة ما هو أعم.
قوله : (وَرَضِيتُ) هذه الجملة مستأنفة لبيان الحال ، وليست معطوفة على أكملت ، لأنه يقتضي أنه لم يرض الإسلام دينا إلا اليوم ، ولم يرضه قبل ذلك ، وليس كذلك ، لأن الإسلام لم يرض مرضيا لله وللنبي وأصحابه منذ أرسله ، ورضي متعد لواحد ، الإسلام مفعوله ودينا تمييز. قوله : (فَمَنِ اضْطُرَّ) مفرع على حرمت عليكم الميتة ، فقوله اليوم : (يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) إلى قوله : (دِيناً) معترض بينهما لبيان أن الإسلام حنيفية سمحاء لا صعوبة فيه كالأديان المتقدمة ، ومن اسم شرط ، واضطر فعل الشرط ، وجوابه محذوف تقديره فلا إثم عليه ، وقد صرح به في آية البقرة. قوله : (إلى أكل شيء) أي بقدر الضرورة وسد الرمق ، وبذلك قال الشافعي ، وقال مالك : يأكل المضطر من الميتة ويشبع ويتزود ، فإن استغنى عنها طرحها وقدم مال الغير على الميتة ، عند مالك إن لم يخف الضرر وقدم المختلف فيه على المتفق على حرمته.
قوله : (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) أي بأن كان اضطراره ناشئا عن إثمه ، فلا يجوز له الأكل ، هكذا حمل الآية مالك ، وقال الشافعي غير متجانف لإثم ، بأن كان عاصيا بسفره كالآبق وقاطع الطريق ، فقول المفسر كقاطع الطريق والباغي أي المسافرين وأما الحاضرون فيباح لهم أكل الميتة ، وأما عند مالك فلا فرق بين العاصي بالسفر والطائع به فإنهما كالحاضر ، فيأكلان منها إذا اضطرا ، حيث لم يكن إصراره على المعصية موقعا له في الاضطرار.
قوله : (يَسْئَلُونَكَ) هذه الآية مرتبة على قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) الخ فلما بين المحرمات سألوا عن الحلال ، وصورة السؤال ماذا أحل الله لنا ، وروي في سبب نزولها أن جبريل أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يستأذن عليه ، فأذن له ، فلم يدخل ، فقال له النبي : قد أذنا لك يا رسول الله ، قال : أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب ، فأمر صلىاللهعليهوسلم أبا رافع بقتل كل كلب في المدينة ففعل ، حتى انتهى إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها فتركه رحمة لها ، ثم جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأمره بقتله فرجع إلى الكلب فقتله ، فجاؤوا إلى رسول الله فقالوا له : ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها ، قال : فسكت رسول الله ، فنزل (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) الآية ، فعند ذلك أذن رسول الله في اقتناء الكلاب التي ينتفع بها ، ونهى عن إمساك ما لا نفع