(عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) (١٣٥) ينقضون عهدهم ويصرون على كفرهم (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِ) البحر الملح (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنهم (كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) (١٣٦) لا يتدبرونها (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ) بالاستعباد وهم بنو إسرائيل (مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها) بالماء والشجر صفة للأرض وهي الشام (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى) وهي قوله ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض الخ (عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا) على أذى عدوهم (وَدَمَّرْنا) أهلكنا (ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ) من العمارة (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) (١٣٧) بكسر الراء وضمها يرفعون من البنيان (وَجاوَزْنا) عبرنا (بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا) فمروا (عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ) بضم الكاف وكسرها (عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) يقيمون على عبادتها (قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً) صنما نعبده (كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ
____________________________________
أي في كل واحدة من الخمس. قوله : (إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ) أي وهو وقت إغراقهم. قوله : (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) أي أردنا الانتقام منهم ، لأن الانتقام هو الإغراق ، فلا يحسن دخول الفاء بينهما.
قوله : (مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا) أي نواحيها وجميع جهاتها. قوله : (صفة للأرض) فيه أنه يلزم عليه الفصل بين الصفة والموصوف بالمعطوف وهو أجنبي ، والأولى أن يكون صفة للمشارق والمغارب. قوله : (وهو الشام) الحامل له على هذا التفسير قوله تعالى : (الَّتِي بارَكْنا فِيها) وهذا الوصف لا يعين هذا المعنى ، بل يمكن تفسير الأرض بأرض مصر كما هو السياق ، وقد بارك الله فيها بالنيل وغيره ، ويؤيده قوله تعالى : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) إلى أن قال : (كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ) وكذلك آية الشعراء ، وقد اختار ما قلناه جملة من المفسرين ، وقال بعضهم : المراد بمشارق الأرض الشام ، ومغاربها مصر ، فإنهم ورثوا العمالقة في الشام ، وورثوا الفراعنة في مصر. قوله : (كَلِمَتُ) ترسم هذه بالتاء المجرورة لا غير وما عداها في القرآن بالهاء على الأصل. قوله : (بِما صَبَرُوا) أي بسبب صبرهم.
قوله : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ) أي أهلكنا وخربنا الذي كان يصنعه فرعون وقومه. قوله : (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) هذا آخر قصة فرعون وقومه. قوله : (بكسر الراء وضمها) قراءتان سبعيتان. قوله : (من البنيان) أي كصرح هامان وغيره من جميع ما أسسوه بأرض مصر.
قوله : (وَجاوَزْنا) شروع في قصة بني إسرائيل ، وما وقع من كفر النعمة والقبائح ، والمقصود من ذلك تسلية النبي صلىاللهعليهوسلم وتخويف أمته من أن يفعلوا مثل فعلهم. قوله : (عبرنا) العبر هو الانتقال من جانب لآخر ، لانتقالهم من الجانب الشرقي للغربي. قوله : (بضم الكاف وكسرها) أي من بابي نصر وضرب ، وهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) قيل هي حجارة على صور البقر ، وقيل بقر حقيقة ، وكان هؤلاء القوم العاكفون من الكنعانيين الذين أمر موسى بقتالهم بعد ذلك. قوله : (قالُوا يا مُوسَى) القائل بعضهم لا جميعهم. قوله : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً) قيل إنهم مرتدون بهذه المقالة لقصدهم بذلك عبادة الصنم حقيقة ، وقيل ليسوا مرتدين ، بل هم جاهلون جهلا مركبا ، لاعتقادهم أن عبادة الصنم بقصد التقرب إلى الله