(وَاللهُ وَلِيُّهُما) ناصرهما (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٢٢) ليثقوا به دون غيره. ونزل لما هزموا تذكيرا لهم بنعمة الله (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) موضع بين مكة والمدينة (وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) بقلة العدد والسلاح (فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٢٣) نعمه (إِذْ) ظرف لنصركم (تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ) توعدهم تطمينا (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ) يعينكم (رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ) (١٢٤) بالتخفيف والتشديد (بَلى) يكفيكم ذلك وفي الأنفال بألف لأنه أمدهم أولا بها ثم صارت ثلاثة ثم صارت خمسة كما قال تعالى (إِنْ تَصْبِرُوا) على لقاء العدو (وَتَتَّقُوا) الله في المخالفة (وَيَأْتُوكُمْ) أي المشركون (مِنْ فَوْرِهِمْ) وقتهم (هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ
____________________________________
يليه هم فعزم كلها رفعت |
|
سوى الأخير ففيه الأخذ قد وقعا |
قوله : (بنو سلمة) أي وهم من الخزرج ، وقوله : (وبنو حارثة) أي وهم من الأوس. قوله : (وأصحابه) أي وكانوا ثلثمائة. قوله : (علام نقتل أنفسنا وأولادنا) أي لأي شيء نقتل قوله : (وقال) أي عبد الله بن أبي ومقول القول قوله : (لو نعلم قتالا إلخ). قوله : (القائل له) صفة لأبي جابر. قوله : (أنشدكم الله) أي أحلفكم بالله ، وقوله : (في نبيكم وأنفسكم) أي في حفظهما قوله : (فثبتهما الله) أي الطائفتين بعد أن حصلت لهما التفرقة أولا ، وشج وجه رسول الله وكسرت رباعيته وضرب نيفا وسبعين ضربة ما بين سهم وسيف ، وطلحة بن عبيد الله أحد العشرة يلقاها عن رسول الله ، وحينئذ نادى إبليس والمنافقون في الناس إن محمدا قد مات ، وكان صلىاللهعليهوسلم في محل منخفض فأراد الصعود ليراه المسلمون فلم ينهض ، فحمله طلحة على ظهره وقد كان على المصطفى درعان ، فما رآه المسلمون فرحوا وصاروا يأتون إليه من كل فج كالناقة الغائب عنها ولدها إذا رأته ، فحصل الثبات والنصر وباتت الهزيمة على الكفار. قوله : (ناصرهما) أي ولم يؤاخذهما بذلك الهم.
قوله : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ) هذا الكلام تسلية للنبي وأصحابه فيما وقع لهم في غزوة أحد ، يعني أنه سبق لكم النصر فلا تحزنوا بحصول تلك الشدة ، وحكمتها تمييز المنافق من المؤمن لا الهزيمة كما قال تعالى : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ). قوله : (موضع بين مكة والمدينة) أي فسميت الواقعة باسم الموضع ، وقيل إن بدرا اسم بئر حفرها رجل يقال له بدر فسمي المكان باسم ذلك الرجل. قوله : (بقلة العدد والسلاح) أي فلم يكن معهم إلا ثلاثة أفراس وثلاثة سيوف وكان عدتهم ثلثمائة وثلاثة عشر وعدة الكفار نحو ألف. قوله : أف (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (نعمه) أي حديث نصركم مع كونكم أذلة فظفروا بهم وأخذوا شجعانهم ما بين قتيل وأسير.
قوله : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ) سبب هذا القول أنه لما تلاقى الصفان جاء للصحابة خبر بأن كرز بن جابر يمد الكفار ويعينهم ، فحزنت الصحابة حزنا شديدا فأنزل الله تلك الآية. قوله : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) الإستفهام إنكاري نظير ألست بربكم. قوله : (يعينكم) أي يزيدكم. قوله : (بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) إن قلت : ما الحاجة إلى ذلك العدد الكثير فإن جبريل وحده أو أي ملك كاف في قتال الكفار؟ أجيب : بأن ذلك ينسب النصر لرسول الله والمؤمنين لقوله تعالى : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) فلو هلكوا بشيء مما هلك به الأمم السابقة لم يكن في ذلك مزيد فخر للمؤمنين ولا شفاء لغيظهم ، لكونه خارجا عن اختيارهم.