(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٢٥٨) بالكفر إلى حجة (أَوْ) رأيت (كَالَّذِي) الكاف زائدة (مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) هي بيت المقدس راكبا على حمار ومعه سلة تين وقدح عصير وهو عزير (وَهِيَ خاوِيَةٌ) ساقطة (عَلى عُرُوشِها) سقوفها لما خربها بختنصر (قالَ أَنَّى) كيف (يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) استعظاما لقدرته تعالى (فَأَماتَهُ اللهُ) وألبثه (مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) أحياه ليريه كيفية ذلك (قالَ) تعالى له (كَمْ لَبِثْتَ) مكثت هنا (قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) لأنه نام أول النهار فقبض وأحيي عند الغروب فظن أنه يوم النوم (قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ) التين (وَشَرابِكَ) العصير (لَمْ يَتَسَنَّهْ) يتغير مع طول الزمان والهاء قيل أصل من سانهت وقيل للسكت من سانيت
____________________________________
قوله : (أَوْ كَالَّذِي) هذا كالدليل لقوله : الله ولي الذين آمنوا ، فهو من باب اللف والنشر المشوش فمن أراد الله هدايته جعل له كل شيء دليلا يستدل به على ذات صانعه وصفاته ، ومن أراد الله خذلانه أضله بكل شيء وأعمى قلبه عن النظر في المصنوعات ، وإنما قدم ما يتعلق بالكافر لقصر الكلام عليه واتصاله بما قبله بخلاف ما يتعلق بالمؤمن ، واعلم أنهم ذكروا أن في الكاف قولين : الأول أنها بمعنى مثل وعليه درج المفسر حيث قدر رأيت فيكون المعنى ألم ينته علمك إلى الشخص الذي مر الخ. قوله : الكاف زائدة غير مناسب لحله ، الثاني أنها زائدة والمعنى ألم ينته علمك إلى الشخص الذي مر الخ. قوله : (وهو عزيز) أي ابن شرخيا كان من بني إسرائيل ، قيل كان نبيا وقيل وليا وقيل هو الخضر وقيل رجل كان كافرا ينكر البعث فأراد الله له الهدى ، والقرية قيل هي بيت المقدس كما قال المفسر ، وقيل هي القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت. قوله : (لما خربها بختنصر) بخت معناه ابن ونصر اسم للصنم ، سمي بذلك لأن أمه لما ولدته وضعته عنده فلما وجدوه قالوا بختنصر أي ابن الصنم ، وكان كافرا ملك الأرض مشرقا ومغربا ، وسبب تخريبها أن بني إسرائيل لما طغوا سلط الله عليهم بختنصر فتوجه إليهم في ستمائة راية ، فلما ملكهم قسمهم ثلاثة أقسام : قسم قتله وقسم أقره بالشام وقسم استرقه ، وكان ذلك مائة ألف ، فقسمه بين الملوك الذين كانوا معه فأصاب كل واحد أربعة فكانوا خمسة وعشرين ألف ملك ، وكان من جملة من أسر عزيز ، وفك من الأسر فلما مر عليها وهي بهذه الحالة قال ما ذكر.
قوله : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) يحتمل أن المراد في الدنيا أو يوم القيامة ، وليس ذلك شكا واستغرابا لفعل الله ، بل ذلك سؤال عن تعلق قدرة الله كأنه قال هل تعلقت قدرة الله بإحيائها فيحييها ، أو بعدمه فيبقيها على ما هي عليه. قوله : (كيف) وقيل بمعنى متى. قوله : (استعظاما لقدرته) أي إنه لا يقدر على ذلك إلا صاحب القدرة العظيمة. قوله : (وألبثه) قدره إشارة إلى أن قوله مائة عام متعلق بمحذوف ، ولا يصح تعلقه بأماته لأنه لا معنى له. وسبب ذلك أنه لما دخل بيت المقدس وربط حماره فلم ير أحدا بها ثم رأى أشجارها قد أثمرت فأكل منها ونام فأماته الله في منامه ، فلما مضى من موته سبعون سنة ، وجه الله ملكا من ملوك فارس إلى بيت الله المقدس ليعمره فعمره ورد من بقي من بني إسرائيل إليه ، فلما تمت المائدة أحياه الله.
قوله : (أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) أو للاضراب لأنه نام ضحوة النهار فأحيي آخر النهار ، فظن أنه يوم النوم ، فبالضرورة ليس يوما كاملا. قوله : (قيل أصل) أي فهي لام الكلمة والفعل مجزوم بسكون الهاء