توهم الألوهية فيه فأحيا عازر صديقا له وابن العجوز وابنة العاشر فعاشوا وولد لهم وسام بن نوح ومات في الحال (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ) تخبئون (فِي بُيُوتِكُمْ) مما لم أعاينه فكان يخبر الشخص بما أكل وبما يأكل بعد (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور (لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٤٩) (وَ) جئتكم (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَ) قبلي (مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) فيها فأحل لهم من السمك والطير ما لا صيصية له وقيل أحل الجميع فبعض بمعنى كل (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) كرره تأكيدا وليبني عليه (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) (٥٠) فيما آمركم من توحيد الله وطاعته
____________________________________
أن ولد له. قوله : (وابن العجوز) أي وأحياه قبل دفنه حين مر به على عيسى وهو على أعناق الرجال ، فدعا الله فجلس ولبس ثيابه وأتى أهله ، وقوله : (وابنة العاشر) أي الذي كان يأخذ العشر من الناس ، وقوله : (وسام بن نوح) أي وكان قد مات من نحو أربعة آلاف سنة ، فدعا الله فأحياه فقام وقد شاب نصف رأسه. ثم قال له مت بإذن الله فقال نعم لكن لا أذوق حرارة الموت ثانيا فقال له كذلك.
قوله : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ) ورد أنه كان يخبر الصبيان الذين يعلمهم الخط بما في بيوت آبائهم من المدخرات ، فيذهب الأولاد ويخبرون آباءهم بذلك ، ثم إنهم تجمعوا وحبسوا أولادهم عنه فجاء إليهم وسأل عنهم فأنكروهم ، فقال لهم من الذي خلف الأبواب فقالوا هم خنازير ، فقال كذلك إن شاء الله ففتحوا عليهم فوجدوهم كذلك ، فكربوا وتجمعوا على قتله فحملته أمه على حمار لها وجاءت به مصر ، فإن قلت قد يخبر المنجم والكاهن عن مثل ذلك فما الفرق؟ أجيب بأن المنجم والكاهن لا بد لكل واحد من معدمات يرجع إليها ويعتمد عليها في أخباره ، فالمنجم يستعين بواسطة الكواكب والكاهن يستعين بخبر من الجن ، وقد يخطئان كثيرا ، وأما الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام فبواسطة الوحي السماوي ، وهو من عند الله لا بواسطة ولا غيره فتأمل.
قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ) هذه الجملة يحتمل أن تكون من كلام عيسى أو من كلام الله. وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) جوابه محذوف أي انتفعتم بهذه الآية. قوله : (وَمُصَدِّقاً) حال معطوفة على حال مقدرة ، وهي متعلق قوله بآية التقدير جئتكم حال كوني متلبسا بآية وحال كوني مصدقا ، ويشعر بذلك تقدير المفسر قوله جئتكم وليس معطوفا على وجيها لأن وجيها من جملة المبشر به وهو من كلام الله ، وأما قوله مصدقا فهو من كلام عيسى. قوله : (قبلي) (مِنَ التَّوْراةِ) أي وهو كتاب موسى ، وكان بينه وبين عيسى ألف سنة وتسعمائة وخمسة وسبعون سنة ، وأول أنبياء بني إسرائيل يوسف بن يعقوب وآخرهم عيسى. قوله : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ) معمول لمحذوف تقديره وجئتكم لأجل التحليل ، ولا يصح عطفه على مصدقا لأن ذاك حال وذا تعليل (قوله بعض الذي حرم عليكم) أي بسبب ظلمكم كذي الظفر وشحوم البقر والغنم. قوله : (ما لا صيصية له) أي شوكة يؤذي بها ، وأما ما له صيصية فهو باق على حله لم يحرم. قوله : (فبعض بمعنى كل) استشكل بأنه يلزم عليه تحليل كالزنا والقتل. وأجيب بأن المراد جميع ما طرأ تحريمه من أجل التشديد ، لا ما كان محرما بالأصالة. قوله : (وليبني عليه) (فَاتَّقُوا اللهَ) أي فحيث أمرتكم بما ذكر من ظهور الآيات فاتقوا الله الخ. قوله : (وطاعته) معطوف على توحيد الله من عطف العام على الخاص.