إليه ما لا يليق به (تِلْكَ) مبتدأ والإشارة إلى إبراهيم ويعقوب وبنيهما وأنث لتأنيث خيره (أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ) سلفت (لَها ما كَسَبَتْ) من العمل أي جزاؤه استئناف (وَلَكُمْ) الخطاب لليهود (ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٣٤) كما لا يسألون عن عملكم والجملة تأكيد لما قبلها (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا) أو للتفصيل وقائل الأول يهود المدينة والثاني نصارى نجران (قُلْ) لهم (بَلْ) نتبع (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) حال من إبراهيم مائلا عن الأديان كلها إلى الدين القيم (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٣٥) (قُولُوا) خطاب للمؤمنين (آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) من القرآن (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ) من الصحف العشر (وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ
____________________________________
وحدها كما هنا وتارة تفسر وببل وتارة تفسر ببل وحدها. قوله : (أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ) هذا رد على اليهود من حيث افتخارهم بآبائهم. قوله : (من العمل) أي فلا ينفع أحدا كسب غيره ، بل كل امرىء بما كسب رهين خيرا كان أو شرا. قوله : (استئناف) أي فلها خبر مقدم وما مبتدأ مؤخر وكسبت صلتها والعائد محذوف أي كسبته. قوله : (والجملة تأكيد لما قبلها) أي لأنه إذا كان لها ما كسبت فلا يسألون عن عملكم وإذا كان لكم ما كسبتم فلا تسألون عما كانوا يعملون ، وقوله كما لا يسألون عن عملكم إشارة إلى أن في الكلام اكتفاء. قوله : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) هذا في المعنى معطوف على قوله ما ننسخ ، وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى. قوله : (تَهْتَدُوا) أي تصلوا للخير وتبلغوا السعادة. قوله : (أو للتفصيل) أي لا للجمع فإن مقالة يهود المدينة كونوا هودا تهتدوا لأنه لا يدخل الجنة إلا من كان هودا ، ومقالة نصارى نجران كونوا نصارى تهتدوا لأنه لا يدخل الجنة إلا من كان نصارى. قوله : (نتبع) قدره إشارة إلى أن ملة معمول لمحذوف ، والجملة مقول القول في محل نصب. قوله : (حال من إبراهيم) أي والشرط موجود وهو كون المضاف كالجزء من المضاف إليه. قوله : (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) تعريض لهم بأنهم هم المشركون. قوله : (خطاب للمؤمنين) أي ويصح أن يكون خطابا لليهود والنصارى ، أي إذا أردتم النجاة فلا تشركوا وقولوا آمنا. قوله : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) معطوف على لفظ الجلالة وقوله : (من القرآن) بيان لما. قوله : (من الصحف العشر) قال تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى).
قوله : (وَإِسْماعِيلَ) إلخ إن قلت إن إسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط لم ينزل عليهم كتاب ، أجيب بأنه أوحى إليهم بصحف إبراهيم فلم يكن مغايرا لما نزل الله على إبراهيم. قوله : (أولاده) أي أولاد يعقوب وهم أسباط بالنسبة لإسحق وإبراهيم. وأولادهم أسباط للجميع ويؤخذ من الآية أن الأسباط أنبياء وهو المعتمد كما ذكره ابن حجر في شرحه على الهمزية. إن قلت حيث كانوا أنبياء فهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوة وبعدها فكيف ذلك مع ما يأتي في سورة يوسف من رميه في الجب وإتيانهم على قميصه بدم كذب وغير ذلك من الأمور المنافية للنبوة. فأجيب بأنهم غير مشرعين بل هم أنبياء فقط ، فلا يلزمهم إجراء فعلهم على مقتضى الظاهر بل على سر القدر ، فالمدار على خلوصهم في الباطن على حد ما قيل في أفعال الخضر مع موسى ، وقد شهد الله له بأنه ما فعله عن أمره فيكون ما جرى من الأسباط في حق يوسف كما جرى من الخضر أو أولى ، وسيأتي بسط ذلك في سورة يوسف إن شاء الله تعالى.