أي الزوج الثاني (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) أي الزوجة والزوج الأول (أَنْ يَتَراجَعا) إلى النكاح بعد انقضاء العدة (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ) المذكورات (حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٢٣٠) أي يتدبرون (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) قاربن انقضاء عدتهن (فَأَمْسِكُوهُنَ) بأن تراجعوهن (بِمَعْرُوفٍ) من غير ضرار (أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) اتركوهن حتى تنقضي عدتهن (وَلا تُمْسِكُوهُنَ) بالرجعة (ضِراراً) مفعول له (لِتَعْتَدُوا) عليهن بالإلجاء إلى الافتداء والتطليق وتطويل الحبس (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) بتعريضها إلى عذاب
____________________________________
كون الزوج بالغا عند مالك لقوله في الحديث «حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته» ولا عسيلة للصبي ، وقال الشافعي بعدم اشتراط بلوغه ، ومن هنا المسألة الملفقة وهي أن يقلد الشافعي في صحة تحليل غير البالغ ، ومالكا في صحة طلاق وليه عنه لمصلحة وفي عدم العدة عليها من وطئه ، وهذه المسألة قال العلماء فيها الورع تركها ، ويشترط للتحليل عند مالك شروط عشرة تعلم من الفروع. قوله : (ويطؤها) أي ولا يشترط الأنزال. قوله : (كما في الحديث) وهو أنه جاءت امرأة تسمى تميمة القرظية وكانت متزوجة بابن عمها رفاعة القرظي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت يا رسول الله إن رفاعة أبتّ طلاقي فتزوجت بعبد الرحمن بن الزبير بفتح الزاي ، وإنما معه مثل هدبة الثوب ، فتبسم رسول الله وقال أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا ، حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته ، فمكثت مدة ثم جاءت ثانيا لرسول الله وقالت إنه مسني وذقت منه وذاق مني ، فقال لها رسول الله إن قولك الأول كذبك الآن ، فجاءت للصديق في خلافته وقالت له مثل ما قالت لرسول الله ، فقال لها إني شهدت مجيئك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وكلامك له ، لا ترجعي ، فجاءت لعمر في خلافته فقالت له كذلك فقال لها إن عدت لرفاعة رجمتك. قوله : (رواه الشيخان) أي عن عائشة.
قوله : (أَنْ يَتَراجَعا) (إلى النكاح) أي بعقد ومهر وولي وشهود. قوله : (بعد انقضاء العدة) أي فلا بد من عدتين : عدة للزوج الأول وعدة للثاني. قوله : (أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول ظن الثاني ، ومعنى إقامة حدود الله زوال ما في أنفسهما من الكدر الذي كان سببا في الطلاق. قوله : (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) خصهم لأنهم المنتفعون بتلك الأحكام وهم الذين يعقلون الخطاب. قوله : (أي يتدبرون) أي ينظرون في عواقب أمورهم (تنبيه) : يقع الطلاق فيما ذكر ولو كان سكرانا بحرام لعدم عذره بذلك أو في حماقة ، وليست الحماقة من باب الإكراه الذي قال فيه رسول الله «لا طلاق في إغلاق» ، خلافا لمن يفتي بذلك فإنه ضال مضل ، اللهم إلا أن يطيش عقله فلا يعرف الأرض من السماء ويصير كالمجنون فلا شيء عليه.
قوله : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) أي طلاقا رجعيا وإنما كرره للإيضاح. قوله : (قاربن انقضاء عدتهن) أي أشرفهن عليها. قوله : (مفعول له) أي لإجله. قوله : (لِتَعْتَدُوا) علة لقوله ضرارا. قوله : (بالإلجاء) أي الأضطرار. قوله : (تطويل الحبس) أي العدة. قوله : (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) أي لما في الحديث : «بغلبن كريما ويغلبهن لئيم ، فأحب أن أكون كريما مغلوبا ولا أحب أن أكون لئيما غالبا». قوله :