حتى نزلت فقال انصرفوا فقد عصمني الله رواه الحاكم (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٦٧) (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ) من الدين معتد به (حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) بأن تعملوا بما فيه ومنه الإيمان بي (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) من القرآن (طُغْياناً وَكُفْراً) لكفرهم به (فَلا تَأْسَ) تحزن (عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٦٨) إن لم يؤمنوا بك أي لا تهتم بهم (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) هم اليهود مبتدأ (وَالصَّابِئُونَ) فرقة منهم (وَالنَّصارى) ويبدل من المبتدأ (مَنْ آمَنَ) منهم (بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦٩) في الآخرة خبر المبتدأ ودال على خبر إن (لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي
____________________________________
(وكان صلىاللهعليهوسلم يحرس الخ) عن عائشة رضي الله عنها قالت : سهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مقدمه المدينة ليلة فقال : «ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة» ، قال فبينما نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح ، قال من هذا؟ قال سعد بن أبي وقاص ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما جاء بك؟ فقال وقع في نفسي خوف على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجئت أحرسه ، فدعا له رسول الله ثم نام ، وفي رواية إن الذي جاء سعد وحذيفة بن اليمان قالا : جئنا نحرسك ، فنام عليهالسلام حتى سمعت غطيطه ، ونزلت هذه الآية فأخرج رأسه من قبة آدم وقال : انصرفوا أيها الناس فقد عصمني الله ، ورد أنه كان يحفظه سبعون ألف ملك ، لا يفارقونه في نوم ولا يقظة. قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) أي لبلوغ مطلوبهم فيك لعصمتك منهم ، ولذلك في بعض الغزوات حين احتاطت به الأعداء صار يقول : أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب ، ويرميهم بالتراب في وجوههم ، وكان يمر بين صفي القتال على بغلة لا تصلح لكر ولا فر.
قوله : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) أي اليهود والنصارى. قوله : (معتد به) أي عند الله وهو الهدى والخير ، وهذا جواب عن سؤال : كيف يقول لستم على شيء ، مع أنهم على شيء وهو الدين الباطل. قوله : (حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) أي تأتمرون بأمرهما وتنتهون بنهيهما ، لأن فيهما بيان أن دينه هو الدين القيم ، وأن وجوده ناسخ لجميع الشرائع. قوله : (كَثِيراً مِنْهُمْ) أي كعلمائهم ورؤسائهم ، وأما القليل منهم كعبد الله بن سلام والنجاشي وأضرابهما ، فقد زادهم القرآن اهتداء ونورا. قوله : (ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) نسب الإنزال أولا إليهم ، لأنهم مأمورون بإتباعه ، ونسب الإنزال ثانيا إليه ، لأنه منزّل إليه حقيقة ، فيصح نسبة الإنزال إليهم باعتبار أنهم مأمورون بالعمل به وإليه باعتبار أنه يبلغه. قوله : (طُغْياناً وَكُفْراً) قيل الطغيان والكفر مترادفان ، وقيل الطغيان أعم لأنه مجاوزة الحد.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) إن حرف توكيد ونصب ، والذين اسمها ، وآمنوا صلته ، وخبرها محذوف دل عليه قوله : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) الخ ، وقوله : (وَالَّذِينَ هادُوا) الواو للإستئناف أو عطف جمل ، والذين مبتدأ (وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى) معطوفان عليه ، وقوله : (مَنْ آمَنَ) بدل من الذين هادوا ، وما عطف عليه بدل بعض من كل ، وقوله : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) خبر المبتدأ ، وهذا أحد أوجه تسعة وهو أحسنها ، ولذا درج عليه المفسر. قوله : (آمَنُوا) أي حقيقة بقلوبهم وألسنتهم خرج المنافقون. قوله : (فرقة منهم) أي اليهود ، وقيل من النصارى ، وقيل طائفة يعبدون الكواكب السبعة ، وقيل يعبدون الملائكة. قوله : (وعمل صالحا) أي فإن مات ولم يكن عمل صالحا غير الإيمان فهو تحت المشيئة. قوله :