سَيِّئَةٌ) جدب وبلاء (يَطَّيَّرُوا) يتشاءموا (بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) من المؤمنين (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ) شؤمهم (عِنْدَ اللهِ) يأتيهم به (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (١٣١) أن ما يصيبهم من عنده (وَقالُوا) لموسى (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) (١٣٢) فدعا عليهم (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) وهو ماء دخل بيوتهم ووصل إلى حلوق الجالسين سبعة أيام
____________________________________
ينزجروا عما هم عليه. قوله : (أي نستحقها) أي بحولنا وقوتنا. قوله : (يَطَّيَّرُوا) أصله يتطيروا ، أدغمت التاء في الطاء ، والتطير في الأصل : أن يفرق الشيء بين القوم ويطير لكل واحد ما يخصه ، فيشمل النصيب الحسن السيىء ، ثم غلب على الحظ ، والنصيب السيىء والحكمة في التعبير في جانب الحسنة بإذا المفيدة للتحقيق ، وتعريفها في جانب السيئة بأن المفيدة للشك ، وتنكيرها الإشارة إلى أن رحمة الله تغلب غضبه ، وأنها صادرة منه سبحانه وتعالى ، وإن لم يتأهل لها العبد ، بخلاف السيئة فصدورها منه نادر ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون.
قوله : (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ) ألا أداة استفتاح يؤتى بها اعتناء بما بعدها للرد عليهم. قوله : (شؤمهم) أي عذابهم الذي تشاءموا به. قوله : (عِنْدَ اللهِ) أي لا عند موسى ، فليس له مدخل في إيجاد ذلك. قوله : (يأتيهم به) أي جزاء لأعمالهم السيئة. قوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) يفيد أن الأقل يعلم أن فرعون كاذب وموسى صادق ، وإنما كفرهم محض عناد. قوله : (قالُوا) أي فرعون وقومه. قوله : (مَهْما تَأْتِنا بِهِ) الخ. مهما اسم شرط جازم ، وتأت فعل الشرط مجزوم بحذف الياء والكسرة دليل عليها ، ونا مفعول و (مِنْ آيَةٍ) بيان لمهما ، وبه متعلق بتأت ، وضميرها راجع لمهما ، و (لِتَسْحَرَنا) متعلق بتأتنا و (بِها) متعلق (لِتَسْحَرَنا) ، وقوله : (فَما) الفاء واقعة في جواب الشرط ، وما نافية و (نَحْنُ) مبتدأ و (بِمُؤْمِنِينَ) خبر مرفوع بواو مقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالفاء التي جلبها حرف الجر الزائد ، والجملة في محل جزم جواب الشرط. قوله : (فدعا عليهم) قال سعيد بن جبير : لما آمنت السحرة ورجع فرعون مغلوبا ، أبي هو وقومه إلا الإقامة على الكفر والتمادي على الشر ، فتابع الله عليهم الآيات ، فأخذهم الله أولا بالسنين وهو القحط ونقص الثمرات ، وأراهم قبل ذلك من المعجزات اليد والعصا فلم يؤمنوا ، فدعا عليهم موسى وقال : يا رب إن عبدك فرعون علا في الأرض وبغى وعتا ، وإن قومه قد نقضوا العهد ، فخذهم بعقوبة تجعلها عليهم نقمة ، ولقومي عظة ، ولمن بعدهم آية وعبرة ، ففعل الله بهم ما سيذكر.
قوله : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) أي ماء من السماء ، والحال أن بيوت القبط مشتبكة ببيوت بني إسرائيل ، فامتلأت بيوت القبط ، حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم ، ومن جلس منهم غرق ، ولم يدخل من ذلك الماء في بيوت بني إسرائيل شيء ، وركب ذلك الماء على أرضهم فلم يقدروا على الحرث ، ودام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت ، فاستغاثوا بموسى ، فأزال الله عنهم المطر ، وأرسل الريح فجفف الأرض ، وخرج من النبات ما لم ير مثله قط ، فقالوا هذا الذي جزعنا منه خير لنا لكنا لم نشعر ، فلا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل ، فأقاموا شهرا في عافية. قوله : (إلى حلوق الجالسين) في كلام غيره إلى حلوق القائمين ، ومن جلس غرق كما علمت.