لِلَّهِ أَنْداداً) شركاء في العبادة (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢٢) أنه الخالق ولا يخلقون ولا يكون إلها إلا من يخلق (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) شك (مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) محمد من القرآن أنه من عند الله (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) أي المنزل ومن للبيان أي هي مثله في البلاغة وحسن النظم والأخبار عن الغيب
____________________________________
قوله : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) لا ناهية والفعل مجزوم بحذف النون والواو فاعل ، وأندادا مفعول أول مؤخر ، ولله جار ومجرور متعلق بمحذوف مفعول ثاني مقدم واجب التقديم لأن المفعول الأول في الأصل نكرة ولم يوجد له مسوغ إلا تقديم الجار والمجرور ، ومعنى تجعلوا تصيروا أو تسموا ، وعلى كل فهي متعدية لمفعولين والفاء سببية ، والأنداد جمع ند معناه المقاوم المضاهي سواء كان مثلا أو ضدا أو خلافا. قوله : (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) جملة من مبتدأ وخبر في محل نصب على الحال ، وقوله : (أنه الخالق) بفتح الهمزة في تأويل مصدر سدت مسد مفعولي تعلمون أن تعلمونه خالقا. قوله : (ولا يكون إلها إلا من يخلق) هذا هو تمام الدليل ، قال تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ). قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) استشكلت هذه الآية بوجوه ثلاثة ، الأول : أن إن تقلب المضي إلى الإستقبال ولو كان الفعل كان خلافا للمبرد القائل بأنها لا تقبله إذا كان الفعل كان واحتج بهذه الآية فيقتضي أن الريب مستقبل وليس حاصلا الآن مع أنه حاصل أجيب عنه بأن الإستقبال بالنسبة للدوام والمعنى إن دمتم على الريب. الوجه الثاني : أن إن للشك فيفيد أن ريبهم مشكوك فيه مع أنه محقق أجيب بأنه أتى بأن إشارة للائق أي اللائق والمناسب أن لا يكون عندكم ريب. الوجه الثالث : أن قوله وإن كنتم في ريب أي شك في أنه من عند الله أو من عند محمد فليس عندهم جزم بأنه من عند محمد ، وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) يفيد أن عندهم جزما بأنه من عند محمد فبين أول الآية وآخرها تناف أجيب بأنه أشار في أول الآية إلى عقيدتهم الباطنة وفي آخرها إلى عنادهم لإظهار الإغاظة له صلىاللهعليهوسلم ، فلا يخلو حالهم الباطني ، إما أن يكون عندهم شك في أنه من عند الله أو تحقيق بأنه من عند الله ، وإنما إظهارهم الجزم بأنه ليس من عند الله عناد. قوله : (شك) جعل الشك ظرفا لهم إلى أنه تمكن منهم تمكن الظرف من المظروف.
قوله : (مِمَّا نَزَّلْنا) من حرف جر واسم موصول أو نكرة موصوفة ، والعائد محذوف ، والجملة صلة أو صفة ، والجار والمجرور صلة لريب التقدير في ريب كائن من الذي نزلناه أو في ريب كائن من كلام نزلناه. قوله : (عَلى عَبْدِنا) الإضافة للتشريف وقرىء على عبادنا فعلى هذه القراءة المراد بالجمع محمد وأمته لأن المكذب لمحمد مكذب لأمته. (من القرآن) بيان لما. قوله : (أنه من عند الله) الكلام على حذف الجار أي بأنه.
قوله : (فَأْتُوا) أصله ائتيوا بهمزتين الأولى للوصل والثانية فاء الكلمة وقعت الثانية ساكنة بعد كسرة قلبت ياء واستثقلت الضمة على الياء التي هي لام الكلمة فحذفت الياء لالتقاء الساكنين وضمت التاء للتجانس ، وفي الدرج تحذف همزة الوصل وتعود الهمزة التي قلبت ياء كما هنا ، فأتوا على وزن فافعوا. قوله : (أي المنزل) أي وهو القرآن ويشهد لهذا التفسير ما في سورة يونس (قل فأتوا بسورة مثله) ، ويحتمل أن الضمير عائد على عبدنا الذي هو محمد أي فائتوا بسورة من رجل مثل محمد في كونه أميا بشرا عربيا فإنكم مثله وحيث كان كذلك فلا بعد في مناظرته. قوله : (ومن للبيان) ويحتمل أن تكون للتبعيض