تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ) الإيمان (خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) كعبد الله بن سلام رضي الله عنه وأصحابه (وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) (١١٠) الكافرون (لَنْ يَضُرُّوكُمْ) أي اليهود يا معشر المسلمين بشيء (إِلَّا أَذىً) باللسان من سب ووعيد
____________________________________
لما دعا الله داعيا لطاعته |
|
بأشرف الرسل كنا أكرم الأمم |
وقال في الهمزية :
ولك الأمة التي غبطتها |
|
بك لما أتيتها الأنبياء |
ومدحهم الله سابقا بقوله : (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) الآية ، وبالجملة فهو صلىاللهعليهوسلم أفضل الخلق على الإطلاق ، وأمته أفضل الأمم على الإطلاق ، وكان فعل ناقص يفيد الإتصاف في الماضي ، لكن المراد هنا الدوام على حد (وكان الله غفورا رحيما) والتاء اسمها وخير خبرها ، وقوله : (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) صفة لأمة. قوله : (في علم الله) أي وقيل في اللوح المحفوظ ، وقيل في كتب الأمم السابقة. قوله : (لِلنَّاسِ) إنما عبر باللام دون من ، إشارة إلى أن هذه الأمة نفع ورحمة لنفسها وللخلق عموما. في الدنيا بالدعاء لجميع الأمم ، وفي الآخرة بالشهادة للأنبياء. قوله : (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) إما خبر بعد خبر لكان ، والمقصود منه تفصيل ما أجمل أولا ، أو صفة لمعنى الخيرية ، أو استئناف بياني واقع في جواب سؤال مقدر تقديره ما وجه الخيرية ، وراعى في الخطاب لفظ كنتم ، ولو راعى الخبر لقال يأمرون ، لأن الإسم الظاهر من قبيل الغيبة ، واختيرت صيغة الخطاب تشريفا لهم وإشارة إلى رفع الحجب عنهم ، حيث خاطبهم ولم يخبر عنهم وأنهم مقربون من حضرة الله. إن قلت إن الإيمان هو الأصل فلم لم يقدم؟ أجيب بأنه غير مخصوص به ، وإنما الفضل الثابت لهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهذه الأمة لها شبه بالأنبياء من حيث إنها مهتدية في نفسها هادية لغيرها. قوله : (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ) أي اليهود والنصارى.
قوله : (خَيْراً لَهُمْ) أي من الإيمان بموسى وعيسى في زمانهما ، أي أن من آمن بمحمد أعلى وأفضل من أدرك موسى وعيسى وآمن به لدخوله في هذا المدح العظيم ، أو المعنى خيرا لهم مما هم عليه في زعمهم ، وإن كان في الواقع ما هم عليه ليس بخير ، أو ذلك تهكم بهم ، أو أن أفعل التفضيل ليس على بابه أي لكان هو الخير لهم. قوله : (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) استئناف بياني واقع في جواب سؤال مقدر نشأ من قوله : (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ) كأن قائلا قال وهل آمن منهم أحد أو لا فأجاب بذلك. قوله : (كعبد الله بن سلام) أي من اليهود وادخلت الكاف النجاشي وغيره من النصارى. قوله : (الكافرون) أي وسماهم فاسقين لأنهم فسقوا في دينهم ، فليسوا عدولا فيه. قوله : (إِلَّا أَذىً) قيل استثناء منقطع وهو المتبادر من المفسر ، والمعنى لا يصل لكم منهم ضرر بشيء أصلا لكن يقع منهم أذى باللسان ، قال تعالى : (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً) ففي الحقيقة لا ضرر في ذلك ، وقيل الإستثناء متصل ، والمعنى لن يصل لكم منهم ضرر في حال من الأحوال ، إلا في حال الضرر اللساني. قوله : (من سب) أي للنبي وأصحابه ، وقوله : (ووعيد) أي للمؤمنين بقولهم إنا نغلبهم ، وستكون العزة لنا والذلة لهم.