(قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) فقالوا حبة في شعرة ودخلوا يزحفون على أستاههم (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) فيه وضع الظاهر موضع المضمر مبالغة في تقبيح شأنهم (رِجْزاً) عذابا طاعونا (مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٥٩) بسبب فسقهم أي خروجهم عن الطاعة فهلك منهم في
____________________________________
الفات متواليات فقلبت الهمزة ياء للخفة هنا ، ففيه خمس إعمالات قلب الياء التي قبل الهمزة همزة ثم قلب الهمزة الثانية ياء ثم قلب كسرة الأولى فتحة ثم قلب الثانية الفا ثم قلب الأولى ياء تأمل ، وخطايا هنا باتفاق القراء ، وأما في الإعراف فيقرأ خطيئات ، وحكمة ذلك أنه هنا أسند القول لنفسه فهو يغفر الذنوب وإن عظمت فناسب التعبير بخطايا الذي هو جمع كثرة ، وفي الأعراف بنى الفعل للمجهول فعبر بجمع القلة ، وقوله نغفر مجزوم في جواب قوله ادخلوا المقيد بالسجود وبالقول. قوله : (وَسَنَزِيدُ) عبر بالسين والمضارع إشارة إلى أن المحسن لا ينقطع ثوابه بل دائما يتجدد شيئا فشيئا.
قوله : (الَّذِينَ ظَلَمُوا) حكمة الإتيان بذلك الزيادة في التقبيح عليهم. قوله : (منهم) قدرها هنا لأنه ذكرها في الأعراف ، والقصة واحدة فما تركه هنا قدره هناك وبالعكس. قوله : (قَوْلاً) أي وفعلا ففيه اكتفاء على حد سرابيل تقيكم الحر أي والبرد ، أو المراد بالقول الأمر الإلهي وهو يشمل القول والفعل كأنه قال فبدل الذين ظلموا أمرا غير الذي أمروا به. قوله : (فقالوا حبة في شعرة إلخ) لف ونشر مشوش لأن هذا راجع إلى حطة ، وقوله : (ودخلوا إلخ) راجع لقوله سجدا ، وما فسر به المفسر هو الصحيح لأنه حديث البخاري ، وقيل قالوا حنطة في شعرة أو شعيرة أو حنطة حمراء في شعرة سوداء أو حنطة بيضاء في شعرة سوداء ، ومعنى حبة في شعرة جنس الحب وجنس الشعر أي نسألك حبا في زكائب من شعر. قوله : (ودخلوا يزحفون) وقيل إنهم مستلقين على ظهورهم. قوله : (على أستاههم) جمع سته وهو الدبر أي أدبارهم. قوله : (رِجْزاً) هو في الأصل فناء ينزل بالإبل أطلق وأريد منه مطلق الفناء. قوله : (بسبب فسقهم) أشار بذلك إلى أن الباء سببية وما مصدرية تسبك مع ما بعدها بمصدر ، ومشى المفسر على أن كان تتصرف فسبكه من الخبر ، وقيل إن كان متصرفة يأتي منها المصدر لقول الشاعر :
ببذل وحلم ساد في قومه الفتى |
|
وكونك إياه عليك يسير |
فعليه أن ما تسبك بها بمصدر أي بكونهم فاسقين وهو المعتمد. قوله : (فهلك منهم إلخ) أي فالطاعون عذاب لهم بخلاف الأمة المحمدية فإنه رحمة لهم من مات به أو في زمنه كان شهيدا ، وقد ذكروا أن في الآية سؤالات ، الأول : قوله هنا وإذ قلنا ، وفي الأعراف وإذ قيل ، وأجيب بأنه صرح هنا بالفاعل لإزالته الإبهام وحذفه في الأعراف للعلم به مما هنا. الثاني : قال هنا ادخلوا وهناك اسكنوا ، وأجيب بأن الدخول مقدم على السكنى فذكر الدخول في السورة المتقدمة ، والسكنى في المتأخرة على حسب الترتيب الطبيعي. الثالث : قال خطاياكم باتفاق السبعة وهناك خطيئاتكم في بعضها وتقدم جوابه. الرابع : ذكر هنا رغدا وحذفه من هناك ، والجواب أن القصة ذكرت هنا مبسوطة وهناك مختصرة. الخامس : قدم هنا دخول الباب على قولوا حطة وعكس هناك ، وأجيب بأن ما هنا هو الأصل في الترتيب وعكس فيما يأتي اعتناء بحط الذنوب. السادس : إثبات الواو في وسنزيد هنا وحذفها هناك ، وأجيب بأنه لما تقدم أمران كان المجيء بالواو مؤذنا بأن مجموع الغفران والزيادة جزء واحد لمجموع الأمرين ، وحيث تركت الواو أفاد