عطف عليه (وَلِتُكْمِلُوا) بالتخفيف والتشديد (الْعِدَّةَ) أي عدة صوم رمضان (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ) عند إكمالها (عَلى ما هَداكُمْ) أرشدكم لمعالم دينه (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٨٥) الله على ذلك. وسأل جماعة النبي صلىاللهعليهوسلم أقريب ربنا فنناجيه أو بعيد فنناديه فنزل (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) منهم بعلمي فأخبرهم بذلك (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) بإنالته ما سأل (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي)
____________________________________
قوله : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ) أي يوم العبد وهو يوم إكمال العدة وبينت السنة كيفية التكبير. قوله : (على ذلك) أي على التكليف مع اليسر. قوله : (وسأل جماعة) هذا إشارة من المفسر لسبب نزول الآية. قوله : (فنناجيه) أي نسارره أي ندعوه سرا ولا نجهر بالدعاء. قوله : (فنناديه) أي ندعوه جهرا والفعلان يصح فيهما النصب بأن مضمرة بعد فاء السببية لوقوعهما في جواب الإستفهام والرفع على الإستئناف أي فنحن نناجيه ونحن نناديه والأظهر الثاني لقول بعض شراح الحديث إنه الرواية ، واعلم أن هذا السؤال الواقع من الصحابة لا يقتضي جهلهم بالتوحيد ، لأن الله منزه عن القرب والبعد الحسيين لأنهما من صفات الحوادث والله منزه عنها فمن ذلك حارت عقولهم في ذلك ، فمقتضى إحاطته بجميع خلقه وتصرفه فيهم كيف يشاء يوصف بالقرب ، ومقتضى تنزهه عن صفات الحوادث جميعها يوصف بالبعد لأن صفاته توفيقية فالمسؤول عنه القرب أو البعد المعنويان لا الحسيان ، وإلا لذمهم الله على ذلك ولم يضفهم له. قوله : (فأخبرهم بذلك) أي بأني قريب وقدر ذلك المفسر لعدم صحة ترتيب قوله فإني قريب على الشرط الذي هو إذا فإن جوابها لا بد وأن يكون مستقبلا ، وكون الله قريبا وصف ذاتي له لا ينفك عنه أزلا ولا أبدا وإنما المستقبل الأخبار بذلك ، وقوله بعلمي أي وسمعي وبصري وقدرتي وإرادتي ولم يقل بذاته وإن كانت الصفات لا تفارق الذات لأنه ربما يتوهم للقاصر الحلول فيقع في الحيرة ، وأما من فني عن وجوده فلم يشهد إلا الله فقد زال عنه الحجاب فلا حيرة عنده إذ لم يشهد غيره ، وإنما خص المفسر العلم بذلك لأنه من صفات الإحاطة ومن غلبة رحمته تعالى أنه وصف نفسه بالقرب وإلا فمقتضى التوحيد وصفه بالبعد أيضا بالإعتبار المتقدم ، فلو قال فإني بعيد لحصل اليأس من رحمته.
قوله : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) الياءان من قوله الداع ودعان من الزوائد عند القراء ، ومعناه أن الصحابة لم تثبت لها صورة في المصحف ولذا اختلفت فيها القراء ، فمنهم من أسقطها وصلا ووقفا تبعا للرسم ، ومنهم من يثبتها في الحالين ، ومنهم من يثبتها وصلا ويحذفها وقفا. قوله : (بإنالته ما سأل) أي ما لم يسأل باثم أو قطيعة رحم ، وهذه الإجابة وعد من الله وهو لا يتخلف لكن على مراده تعالى لا على مراد الداعي ، فالدعاء نافع ولا يخيب فاعله ، وما يحتمل أن تكون موصولة وسأل صلتها والعائد محذوف أو نكرة موصوفة وسأل صفتها أو مصدرية أي بإنالته سؤاله.
قوله : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) يحتمل أن السين والتاء زائدتان ، والمعنى فليجيبوني بالإمتثال والطاعة كما أجبت دعاءهم ، (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) ، وهذا ما مشى عليه المفسر ، ويحتمل أنهما للطلب ، والمعنى فليطلبوا مني الإجابة ، فشرط الإجابة عقب دعائهم ، وفي الحديث : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» فشرط الإجابة تيقنها ، وقد أشار لذلك السيد البكري بقوله : فلا تردنا واستجب لنا كما وعدتنا. قوله : (يديموا) فعله آدم رباعيا وفي نسخة يدوموا وفعله دام ثلاثيا وهما لغتان فصيحتان. قوله :