بخلقه (حَكِيماً) (١٧) في صنعه بهم (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) الذنوب (حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) وأخذ في النزع (قالَ) عند مشاهدة ما هو فيه (إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) فلا ينفعه ذلك ولا يقبل منه (وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) إذا تابوا في الآخرة عند معاينة العذاب لا تقبل منهم (أُولئِكَ أَعْتَدْنا) أعددنا (لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٨) مؤلما (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ) أي ذاتهن (كَرْهاً) بالفتح والضم لغتان أي مكرهيهن على ذلك كانوا في الجاهلية يرثون نساء أقربائهم فإن شاؤوا تزوجوها بلا صداق أو زوجوها وأخذوا صداقها أو عضلوها حتى تفتدي بما ورثته أو تموت فيرثوها فنهوا عن ذلك (وَلا) أن (تَعْضُلُوهُنَ) أي تمنعوا أزواجكم
____________________________________
في كل لمحة ، ولذا قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : ما خرج مني نفس وانتظرت عوده ، وورد أنه ما من نفس يخرج من ابن آدم إلا بإذن من الله في العودة ثانيا وعمر جديد.
قوله : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) أي قبولها. قوله : (وأخذ في النزع) أي بلغت الروح الحلقوم وغرغر الميت ، لأن الإنسان عند الغرغرة يرى مقعده في الجنة أو في النار ، فيظهر عليه علامة البشرى أو الحزن ، فلا ينفعه الندم إذ ذاك. قوله : (وَلَا الَّذِينَ) معطوف على قوله : (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) المعنى ليست التوبة للذين يعملون السيئات الخ ، وليست التوبة للذين يموتون وهم كفار فهو محل جر. قوله : (أُولئِكَ أَعْتَدْنا) أصله أعددنا قلبت الدال الأولى تاء ، وقد أشار لذلك المفسر بقوله (أعددنا) والمعنى أحضرنا وهيأنا.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ) الآية الخ ، سبب نزولها أنه كان في الجاهلية وصدر الإسلام ، إذا مات الرجل وترك امرأة ، جاء ابنه من غيرها أو قريبه فرمى عليها ثوبه فيخير فيها بعد ذلك ، فإما أن يتزوجها بلا مهر ، أو يزوجها لغيره ويأخذ مهرها ، أو بعضها حتى تفتدي منه ، أو تموت ويأخذ ميراثها ، ثم لما توفي أبو قيس ، وترك امرأته كبيشة بنت معن الأنصارية ، قام ابن له قيل اسمه قيس ، فطرح عليها ثوبه ثم تركها ، فلم يقربها ولم ينفق عليها ، فأتت كبيشة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت يا رسول الله إن أبا قيس توفي وأخذني ابنه ، فلم ينفق علي ولم يخل سبيلي ، فقال امكثي في بيتك حتى يأتي أمر الله فيك ، فنزلت هذه الآية. قوله : (أي ذاتهن) دفع بذلك ما يقال إن ميراث الرجل من المرأة قد تقدم ، وهو إما النصف أو الربع ، وليس بمنهي عنه. قوله : (لغتان) المناسب قراءتان وهما سبعيتان. قوله : (أي مكرهين) بكسر الراء اسم فاعل ، ومفعول محذوف تقديره مكرهين لهن على ذلك. قوله : (كانوا في الجاهلية) أي وصدر الإسلام ، وهو إشارة لسبب نزول الآية ، وقد أجمل فيه. قوله : (بلا صداق) أي اتكالا على الصداق الذي دفعه أبوه.
قوله : (وَلا تَعْضُلُوهُنَ) معطوف على قوله : (لا يَحِلُّ لَكُمْ) الخ ، والمعنى لا يحل لكم ميراث النساء ولا عضلهن ، وهو خطاب للأزواج كان الرجل يكره المرأة ، ولها عليه المهر ، فيسيء عشرتها ويضارها لتفتدي منه. قوله : (أي تمنعوا أزواجكم) أشار بذلك إلى أن الضمير عائد على النساء ، لا بالمعنى الأول ، فإن المراد بالنساء فيما تقدم نساء غيركم ، وفيما هنا نساؤكم ، ففي الكلام استخدام قوله :