الصلاة (عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) بأن يحملوا عليكم فيأخذوكم وهذا علة الأمر بأخذ السلاح (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) فلا تحملوها وهذا يفيد إيجاب حملها عند عدم العذر وهو أحد قولين للشافعي والثاني أنه سنة ورجح (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) من العدو أي احترزوا منه ما استطعتم (إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (١٠٢) ذا إهانة (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ) فرغتم منها (فَاذْكُرُوا اللهَ) بالتهليل والتسبيح (قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) مضطجعين أي في كل حال (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) أمنتم (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أدوها بحقوقها (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً) مكتوبا أي مفروضا (مَوْقُوتاً) (١٠٣) أي مقدرا وقتها فلا تؤخر عنه. ونزل لما بعث صلىاللهعليهوسلم طائفة في طلب أبي
____________________________________
صلاة العصر ، وقد مشى المفسر على أن هذه الآية في صلاة بطن نخل ، وهو موضع من نجد إلى أرض غطفان ، بينه وبين المدينة يومان ، وقال غيره إنها في صلاة أرض عسفان ، وقال آخرون إنها في ذات الرقاع.
قوله : (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الخ ، سبب نزولها كما قال ابن عباس ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم غزا بني محارب وبني أنمار ، فنزلوا ولا يرون من العدو أحدا ، فوضع الناس السلاح ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم لحاجته حتى قطع الوادي ، والسماء ترش بالمطر ، فسال الوادي فحال السيل بين رسول الله وبين أصحابه فجلس تحت شجرة ، فبصر به غورث بن الحرب المحاربي فقال : قتلني الله إن لم أقتله ، ثم انحدر من الجبل ومعه السيف ، ولم يشعر به رسول الله إلا وهو قائم على رأسه ، وقد سل سيفه من غمده وقال : يا محمد من يمنعك مني الآن ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الله ، ثم قال : اللهم اكفني غورث بن الحرب بما شئت ، فأهوى غورث بالسيف ليضرب رسول الله ، فأكب بوجهه من زلخة زلخها فندر السيف من يده فقام رسول الله وأخذ السيف ثم قال : يا غورث من يمنعك مني الآن ، فقال : لا أحد ، فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، فقال : لا ولكن أشهد أن لا أقاتلك ولا أعين عليك عدوا فأعطاه رسول الله سيفه ، فقال غورث : أنت خير مني ، فقال رسول الله : أنا أحق بذلك منك ، فرجع غورث إلى أصحابه فقالوا له : ويلك يا غورث ما منعك منه ، فقال : والله لقد أهويت إليه بالسيف لأضربه به ، فو الله ما أدري من زلخني بين كتفي فخررت ، وذكر لهم حاله مع رسول الله. قال وسكن الوادي ، فقطع رسول الله الوادي إلى أصحابه وأخبرهم الخبر وقرأ هذه الآية ، والزلخة الدفعة. قوله : (لَوْ تَغْفُلُونَ) أي غفلتكم.
قوله : (فَيَمِيلُونَ) أي يشتدون. قوله : (مِنْ مَطَرٍ) أي لأنه يفسد بالماء. قوله : (أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى) أي لا طاقة لكم على حمله.
قوله : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ) أي صلاة الخوف أي تممتموها على الوجه المبين. قوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ) الأمر للندب لأنه في الفضائل ، وقوله : (بالتهليل والتسبيح) أي والتحميد والتكبير. قوله : (في كل حال) أي فالمراد من قوله : (قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) الأحوال. قوله : (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أي التي دخل وقتها حينئذ ، ومعنى إقامتها أداؤها بالشروط والأركان. قوله : (مقدرا وقتها) أي مفروضا وقتا بعد وقت. قوله : (لما بعث) المناسب أن يقول لما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأمر من حضر بالخروج لطلب أبي