من الكفر والمعاصي (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَ) ه (اللهُ) أي تعدوهم من جملة المهتدين والاستفهام في الموضعين للإنكار (وَمَنْ يُضْلِلِ) ه (اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (٨٨) طريقا إلى الهدى (وَدُّوا) تمنوا (لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ) أنتم وهم (سَواءً) في الكفر (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) توالونهم وإن أظهروا الإيمان (حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) هجرة صحيحة تحقق إيمانهم (فَإِنْ تَوَلَّوْا) وأقاموا على ما هم عليه (فَخُذُوهُمْ) بالأسر (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا) توالونه (وَلا نَصِيراً) (٨٩) تنصرون به على عدوكم (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ) يلجؤون (إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) عهد بالأمان لهم ولمن وصل اليهم كما عاهد النبي صلىاللهعليهوسلم هلال بن عويمر الأسلمي (أَوْ) الذين (جاؤُكُمْ) وقد (حَصِرَتْ) ضاقت (صُدُورُهُمْ) عن (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ) مع قومهم (أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) معكم أي ممسكين عن قتالكم وقتالهم فلا
____________________________________
وجمعهم. قوله : (من الكفر الخ) بيان لما كسبوا ، وقوله : (والمعاصي) عطف عام على خاص. قوله : (للإنكار) أي مع التوبيخ ، والمعنى لا تفترقوا في قتلهم ، أو لا تجعلوهم من المهتدين ، ولا تعدوهم منهم ، وهذا إشارة لليأس من هداهم ، فلم يهتدوا بعد ذلك أبدا. قوله : (كَما كَفَرُوا) نعت لمحذوف ، والتقدير ودوا لو تكفرون كفرا مثل كفرهم. قوله : (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) مفرع على قوله : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) والجمع باعتبار الأفراد.
قوله : (حَتَّى يُهاجِرُوا) غاية في عدم اتخاذ الأولياء منهم ، والمعنى امتنعوا من اتخاذ الأولياء منهم إلى أن تقع منهم الهجرة ، بمعنى الجهاد في سبيل الله مخلصين له الدين. واعلم أن الهجرة ثلاثة أقسام : هجرة للمؤمنين في أول الإسلام وهي قوله تعالى للفقراء المهاجرين ، وهجرة المنافقين وهي خروجهم للقتال مع رسول الله صابرين محتسبين لا لأغراض الدنيا وهي المرادة هنا ، وهجرة عن جميع المعاصي وهي التي قال فيها عليه الصلاة والسّلام : «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه» ، قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي أعرضوا عن عما أمرتهم به ، وقوله : (وأقاموا على ما هم عليه) دفع به ما يتوهم من قوله : (تَوَلَّوْا) أنه كان حصل منهم إقبال ثم أعرضوا ، فأجاب بأن المراد أقاموا وداموا على ما هم. قوله : (حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) أي في حل أو في حرم لأنهم من جملة الكفار ، فيفعل بهم ما فعل بسائر الكفار.
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ) هذا استثناء من الأخذ والقتل فقط ، ولا يرجع للموالاة فإنها لا تجوز مطلقا. قوله : (إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) أي وهم الأسلميون ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقت خروجه إلى مكة ، قد وقع بينه وبين هلال بن عويمر الأسلمي عهد ، أن لا يعين على النبي ولا يعينه ، وعلى أن من لجأ إليه لا يتعرض له ، وكذلك بنو بكر بن زيد وخزاعة.
قوله : (أَوْ جاؤُكُمْ) معطوف على (يَصِلُونَ) كما قدر الموصول المفسر ، فالمستثنى فريقان : فريق التجؤوا للمعاهدين ، وفريق ترك قتالنا مع قومه ، وقتال قومه معنا. قوله : وقد حصرت (صُدُورُهُمْ) أي وهم بنو مدلج جاؤوا لرسول الله غير مقاتلين. قوله : (وهذا) أي قوله : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ) وقوله :