(فِيها نُزُلاً) هو ما يعد للضيف ونصبه على الحال من جنات والعامل فيها معنى الظرف (مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ) من الثواب (خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) (١٩٨) من متاع الدنيا (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) كعبد الله بن سلام وأصحابه والنجاشي (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) أي القرآن (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) أي التوراة والإنجيل (خاشِعِينَ) حال من ضمير يؤمن مراعى فيه معنى من أي متواضعين (لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ) التي عندهم في التوراة والإنجيل من نعت النبي (ثَمَناً قَلِيلاً) من الدنيا بأن يكتموها خوفا على الرياسة كفعل غيرهم من اليهود (أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ) ثواب أعمالهم (عِنْدَ رَبِّهِمْ) يؤتونه مرتين كما في القصص (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٩٩) يحاسب الخلق في قدر نصف نهار من أيام الدنيا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) على الطاعات والمصائب وعن المعاصي (وَصابِرُوا) الكفار فلا يكونوا أشد صبرا منكم (وَرابِطُوا) أقيموا
____________________________________
والتكسب لا يضره ذلك ، بل له في الآخرة الدرجات العلا ، فذم الدنيا ومعيشتها للكافر خاصة ، قال العارف :
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا |
|
لا بارك الله في الدنيا بلا دين |
قوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) صفة لجنات. قوله : (أي مقدرين الخلود) أشار بذلك إلى أن قوله خالدين حال مقدرة ، لأن وقت دخولهم الجنة ليسوا بخالدين فيها. قوله : (ونصبه على الحال) أي لهم جنات حال كونها مهيئة ومعدة للمؤمنين ، كما يقري الإنسان ضيفه أفخر ما عنده. قوله : (مِنْ عِنْدِ اللهِ) هذه الجملة صفة لنزلا وإنما سمي (نُزُلاً) لأنه ارتفع عنهم تكاليف السعي والكسب ، فهو شيء سهل مهيأ لهم من غير تعب ، ولذلك حين دخلوها يقولون : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن. قوله : (لِلْأَبْرارِ) أي المتقين.
قوله : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) سبب نزولها أنه يوم موت النجاشي ملك الحبشة واسمه أصحمة ومعناه عطية الله ، أسلم من غير أن يرى النبي صلىاللهعليهوسلم ، ودخلت رعيته في الإسلام تبعا له ، جاء جبريل وأخبره بأنهم متوجهون بجنازته ليصلوا عليه ، فخرج النبي إلى هذا الرجل يصلي على علج حبشي نصراني لم يره قط وليس على دينه ، فنزلت الآية. قوله : (كعبد الله بن سلام) أي وأربعين من نصارى نجران ، وإثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الروم ، وراعى في الصلاة لفظ (مِنْ) وفي قوله : (خاشِعِينَ) وما بعده معناها. قوله : (بأن يكتموها) تصوير للشراء المنفي. قوله : (يؤتونه مرتين) أي لإيمانهم بكتابهم والقرآن. قوله : (كما في القصص) أي في سورة القصص ، قال تعالى : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا). قوله : (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي المجازاة على الخير والشر.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) لما بين في هذه السورة فضل الجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وغير ذلك من الأحكام العظيمة ، ختمت بما يفيد المحافظة على ذلك. قوله : (على الطاعات إلخ) أشار بذلك إلى مراتب الصبر الثلاثة ، وأعظمها الصبر عن المعصية. قوله : (فلا يكونوا أشد صبرا منكم) أي فلا تفروا من الأعداء واصبروا على الجهاد ، وخصه وإن دخل في عموم الصبر لأنه أعظم أنواعه