(فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ) أي لا (يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا) يديموا (عَلى ما فَعَلُوا) بل أقلعوا عنه (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١٣٥) أن الذي أتوه معصية (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) حال مقدرة أي مقدرين الخلود فيها إذا دخلوها (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) (١٣٦) بالطاعة هذا الأجر. ونزل في هزيمة أحد (قَدْ خَلَتْ) مضت (مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) طرائق في الكفار بامهالهم ثم أخذهم (فَسِيرُوا) أيها المؤمنون (فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (١٣٧) الرسل أي آخر أمرهم من الهلاك فلا تحزنوا لغلبتهم فإنما أمهلهم لوقتهم (هذا) القرآن (بَيانٌ لِلنَّاسِ) كلهم (وَهُدىً) من الضلالة (وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (١٣٨) منهم
____________________________________
وأرادت أن تشتري منه تمرأ فاعجبته فقال لها إن التمر الجيد داخل الحانوت فدخل معها الحانوت وفعل معها ما عدا الإيلاج وأعطاها التمر ، فتذكر هيبة الله وعقابه ، فجاء لرسول الله يبكي فنزلت الآية ، قوله : (أي وعيده) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف.
قوله : (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) أي أقلعوا عنها وتابوا ، (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) جملة معترضة بين الحال وصاحبها قصد بها التعليل ، قوله : (وَلَمْ يُصِرُّوا) جملة حالية من الواو في استغفروا ، قوله : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) جملة حالية أيضا. وقوله : (إن الذي أتوه معصية) إشارة لمفعول يعلمون. والمعنى وليسوا ممن يصرون على الذنوب وهم عالمون بقبحها والنهي عنها والوعيد عليها لأنه قد يقوم على الذنوب من لا يعلم أنه ذنب. ولا يؤخذ بذلك كالمجتهدين من الصحابة في قتال بعضهم. ولذلك كان الواحد منهم إذا ظهر له الخطأ أقلع في الحال. قوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) المعنى أن القصور والأشجار مشرفة على الأنهار.
قوله : (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) نعم فعل ماض وأجر فاعل والمخصوص بالمدح محذوف قدره المفسر بقوله هذا الأجر الذي هو المغفرة أو الجنة. قوله : (ونزل في هزيمة أحد) أي تسلية للنبي وأصحابه على ما أصابهم من الحزن الذي وقع لهم في تلك الغزوة ، فكأن الله يقول لهم لا تحزنوا فإن هذه سنن من قبلكم والعبرة بالخواتم وقد تم النصر لكم على أعدائكم. قوله : (قَدْ خَلَتْ) من الخلو بمعنى المضي قوله : (في الكفار) أي كعاد مع هود. وكثمود مع صالح ، وكقوم نوح معه ، وكقوم لوط معه ، وكالنمروذ مع إبراهيم. وكفرعون مع موسى. فإن الله أمهل هؤلاء ثم أخذهم أخذ عزيز مقتدر ، فكذلك هؤلاء. قال تعالى : (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) وقال عليه الصلاة والسّلام : «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته». قوله : (بامهالهم) أي على سبيل الاستدراج. والمعنى فلا تحزنوا مما وقع لكم فإن الله يمهل ولا يهمل.
قوله : (فَسِيرُوا) إنما قرن الفعل بالفاء لما في الجملة الأولى من معنى الشرط ، كأن الله يقول إن كنتم في شك مما ذكرته لكم فسيروا في الأرض لتروا آثارهم ، قوله : (أي آخر أمرهم) أي وهو الهلاك الأخروي بإخبار الله ورسله والدنيوي بالمشاهدة. قوله : (فإنما أمهلهم لوقتهم) أي المقدر لهم ولا يعجل بالعقوبة إلا من يخاف الفوات. قوله : (بَيانٌ) إما باق على مصدريته مبالغة أو بمعنى مبين أو ذو بيان على حد زيد عدل ، ولذلك يسمى القرآن أيضا فرقانا لأنه يفرق بين الحق والباطل. قوله : (كلهم) أي