إرساله (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤) (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) المستلذات (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي ذبائح اليهود والنصارى (حِلٌ) حلال (لَكُمْ وَطَعامُكُمْ) إياهم (حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ) الحرائر (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) حل لكم أن تنكحوهن (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) مهورهن (مُحْصِنِينَ) متزوجين (غَيْرَ مُسافِحِينَ) معلنين بالزنا بهن (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) منهن تسرون بالزنا بهن (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) أي يرتد (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) الصالح قبل ذلك فلا يعتد به ولا يثاب عليه (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٥) إذا مات عليه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ) أي أردتم القيام (إِلَى الصَّلاةِ)
____________________________________
مالك بالسهم ما صيد ببندق الرصاص ، لأن قوته تقوم مقام حد السهم. قوله : (عَلَيْهِ) اختلف في مرجع الضمير ، فقيل عائد على ما علمتم من الجوارح ، وإليه يشير المفسر بقوله عند إرساله ، وقيل عائد على ما أمسكن عليكم ، أي سموا الله إذا أدركتم ذكاته.
قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ) أي امتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه ، حيث بينّ لكم الحلال والحرام قوله : (سَرِيعُ الْحِسابِ) ورد أنه يحاسب الخلق في قدر نصف يوم من أيام الدنيا. قوله : (الْيَوْمَ) يحتمل أن المراد باليوم المتقدم في قوله : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وهو يوم عرفة ، ويحتمل أن المراد يوم نزولها ، ويحتمل أن المراد به الزمن مطلقا. قوله : (أي ذبائح اليهود والنصارى) أي إن ذبح ما هو حل لهم في شرعنا ، ولم يذكر اسم غير الله عليه وتؤكل ذبائحهم ، ولو غيروا اليهودية بالنصرانية وعكسه عند مالك ، واشترط الشافعي عدم التغيير والتبديل. قوله : (وَطَعامُكُمْ) (إياهم) أي بمعنى إطعامكم إياهم ، ومعنى (حل لهم) أي لا يحرم عليهم بشرعهم ، ولا يحرم علينا أن نطعمهم من ذبائحنا.
قوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) أي الحرائر منهن ، وأما الإماء فتقدم أنهن حل بالشروط. قوله : (الحرائر) أي وأما الإماء فلا يحل نكاحهن إلا بالملك ، وأما حرائرنا فلا يحل لهم نكاحهن ، بل ولا إماؤنا ، فتحصل أن طعامنا حل لهم ، وطعامهم حل لنا ، ونساؤهم حل لنا ، ونساؤنا لسن حلالهم. قوله : (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) بيان للأكمل ، واحترز عن الدخول على إسقاطه فلا يحل ، والظرف متعلق بالخبر المحذوف الذي قدره المفسر بقوله حل لكم.
قوله : (مُحْصِنِينَ) حال من (آتَيْتُمُوهُنَ) أي حال كونكم محصنين ، وقوله : (غَيْرَ مُسافِحِينَ) نعت لمحصنين. قوله : (أَخْدانٍ) جمع خدن وهو الخليل والصاحب الذي يزني بالمرأة سرا. قوله : (بِالْإِيمانِ) الباء بمعنى عن ، والكفر بمعنى الردة ، أي يرتد عن الإيمان. قوله : (حَبِطَ عَمَلُهُ) (الصالح) أي والسيىء إن عاد للإسلام بمعنى بطل كل منهما ، فلو عاد للإسلام فلا عقاب عليه في السيىء ، ولا ثواب له في الصالح ، والمرتد لا يقضي الصلاة ولا الصوم ولا الزكاة ، إذا فاته جميع ذلك في زمن الردة أو قبل زمنها ما لم يرتد بقصد إسقاط ذلك ، ولا يقضي إلا ما أسلم في وقته لعموم آية (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) عند مالك ، وعند الشافعي يقضي جميع ذلك ، وأما الحج فوقته وهو العمر باق فيقضيه. قوله : (إذا مات عليه) أي الكفر وهو راجع لقوله : (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) لا لما قبله ، فإنه يحبط عمله زمن الردة مطلقا ، مات على الكفر أو الإسلام.