عنهن فأباح لكم التعريض (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) أي نكاحا (إِلَّا) لكن (أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) أي ما عرف شرعا من التعريض فلكم ذلك (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) أي على عقده (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ) أي المكتوب من العدة (أَجَلَهُ) بأن ينتهي (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ) من العزم وغيره (فَاحْذَرُوهُ) أن يعاقبكم إذا عزمتم (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ) لمن يحذره (حَلِيمٌ) (٢٣٥) بتأخير العقوبة عن مستحقها (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ) وفي قراءة تماسوهن أي تجامعوهن (أَوْ) لم (تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) مهرا ، وما مصدرية ظرفية أي لا تبعة عليكم في الطلاق زمن عدم المسيس والفرض باثم ولا مهر فطلقوهن (وَمَتِّعُوهُنَ) أعطوهن ما يتمتعن به (عَلَى الْمُوسِعِ) الغني منكم (قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ) الضيق
____________________________________
لوليها المجبر. قوله : (فأباح لكم التعريض) أي والأضمار في أنفسكم وهو تفريع على قوله علم الله الواقع علة لقوله ولا جناح عليكم ، والمعنى إنما لم يحرم عليهم التعريض والأضمار في الأنفس لعلمه أنه إن حرم عليكم ذلك لوقعتم فيما هو أعظم الذي هو التصريح فأباح لكم التعريض. قوله : (سِرًّا) هو في الأصل ضد الجهر أطلق وأريد منه الوطء لأنه لا يكون إلا كذلك ، ثم أطلق وأريد منه العقد لأنه سببه فهو مجاز على مجاز. قوله : (أي نكاحا) أي عقدا. قوله : (إِلَّا) (لكن) (أَنْ تَقُولُوا) الخ. جعل المفسر الاستثناء منقطعا لأن التعريض ليس من المواعدة ، والمواعدة إنما تحرم إذا كانت من الجانبين ، وأما من جانب فتكره عند مالك. قوله : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) أي فالعقد في العدة فاسد ، ويفسخ ، فإن انضم لذلك العقد مباشرة ولو بعد العدة تأبد تحريمها عند مالك ، وعند الشافعي يفسخ العقد فقط ، وله العقد عليها ثانية بعدها. قوله : (من العزم) أي التصميم على العقد فالعزم يؤاخذ الإنسان به خيرا كان أو شرا ، وقد نظم بعضهم الأمور التي تطرأ على الشخص فقال :
مراتب القصد خمس هاجس ذكروا |
|
فخاطر فحديث النفس فاستمعا |
يليه هم فعزم كلها رفعت |
|
سوى الأخير ففيه الأخذ قد وقعا |
قوله : (فَاحْذَرُوهُ) أي الله بمعنى احذروا عقابه. قوله : (لمن يحذره) أي يخافه ، ففي الحديث : «إذا أذنب العبد ذنبا وعلم أن الله يغفره غفر له بمجرد فعله الذنب». قوله : (بتأخير العقوبة عن مستحقها) أي فلا يغتر العاصي بذلك فلربما يكون ذلك التأخير استدراجا له. قوله : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) سبب نزولها أن رجلا من الأنصار تزوج امرأة تفويضا ثم طلقها قبل الدخول ، فرفعته لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزلت ، فقال له رسول الله أمتعها ولو بقلنسوتك. قوله : (ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ) فعله مس مسند للرجل لأنه الأقوى في المس ، والأقرب أن ما شرطية بمعنى إن وليست مصدرية ظرفية كما قال المفسر ، لأن محل الظرفية فيما يقتضي الامتداد كقوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) لأن شأن الخلود الامتداد. قوله : (وفي قراءة تماسوهن) أي بضم التاء وفعله ماس مماسة مفاعلة من الجانبين ، لأن كلّا يمس الآخر ، واستشكل مفهوم الآية بأن الطلاق بعد المس لا إثم فيه نعم فيه المهر. وأجيب بأنه مظنة الجناح بدفع المهر ، ووجود الأثم من حيث إنه قد يوقعه زمن الحيض ، وأما الطلاق قبل الدخول فلا جناح فيه أصلا. قوله : (فطلقوهن) (وَمَتِّعُوهُنَ) أشار بذلك إلى أن ومتعوهن معطوف على