يَشْهَدُونَ) لك أيضا (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (١٦٦) على ذلك (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله (وَصَدُّوا) الناس (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) دين الإسلام بكتمهم نعت محمد صلىاللهعليهوسلم وهم اليهود (قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً) (١٦٧) عن الحق (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله (وَظَلَمُوا) نبيه بكتمان نعته (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً) (١٦٨) من الطرق (إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ) أي الطريق المودي إليها (خالِدِينَ) مقدرين الخلود (فِيها) إذا دخلوها (أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (١٦٩) هينا (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أي أهل مكة (قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ) محمد صلىاللهعليهوسلم (بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا) به واقصدوا (خَيْراً لَكُمْ) مما أنتم فيه (وَإِنْ تَكْفُرُوا) به (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ملكا وخلقا وعبيدا فلا يضره كفركم (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بخلقه (حَكِيماً) (١٧٠) في صنعه بهم (يا أَهْلَ الْكِتابِ) الإنجيل (لا تَغْلُوا) تتجاوزوا الحد (فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا) القول (الْحَقَ) من تنزيهه عن الشريك والولد (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها)
____________________________________
أنه من عند الله ، وإنما خص القرآن بالذكر لأن إنكارهم وتعرضهم كان له ، ولأنه أكبر معجزاته.
قوله : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) لفظ الجلالة فاعل كفى ، والباء زائدة ، وشهيدا حال ، وقوله : (على ذلك) أي على صحة نبوتك ، والمعنى أن شهادة الله تغنيك وتكفيك. قوله : (وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي منعوا الناس من طريق الهدى. قوله : (ضَلالاً بَعِيداً) أي لأنهم ضلوا في أنفسهم وأضلوا غيرهم ، ومن كان هذا وصفه يبعد عنه الهدى. قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا) أي وهم اليهود. قوله : (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) أي مريدا ليغفر لهم حيث ماتوا على الكفر. قوله : (إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ) استثناء متصل لأنه مستثنى من عموم الطرق ، والمراد بجهنم الدار المسماة الحطمة ، والمعنى أنهم لا يهتدون إلى طريق الرشاد أبدا ، بل دائما أعمالهم تجرهم إلى طريق جهنم. قوله : (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) رد بذلك عليهم حيث زعموا وقالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) ولا يهون عليه أن يعذب أحباؤه. قوله : (أي أهل مكة) جري على القاعدة ، وهو أن المخاطب بيا أيها الناس أهل مكة ، ولكن المراد العموم.
قوله : (بِالْحَقِ) متعلق بجاء ، وقوله : (مِنْ رَبِّكُمْ) متعلق بمحذوف حال من الحق ، أي جاءكم بالحق حال كونه من ربكم. قوله : (واقصدوا) (خَيْراً) أشار بذلك إلى أن قوله خيرا مفعول لمحذوف ، ويصح أن يكون خبرا لكان المحذوفة ، والتقدير آمنوا يكن الإيمان خيرا وهو الأقرب. وقوله : (مما أنتم فيه) أي وهو الكفر على حسب زعمكم أن فيه خيرا ، وإلا فالكفر لا خير فيه. قوله : (لا يضره كفركم) قدره إشارة إلى أن جواب الشرط محذوف ، وقوله : (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) دليل الجواب. قوله : (حَكِيماً) (في صنعه) أي لا يصنع شيئا إلا محكما متقنا. قوله : (الإنجيل) أي فالخطاب للنصارى فقط ، ويحتمل أنه خطاب لليهود والنصارى ، لأن غلو اليهود بتنقيص عيسى حيث قالوا إنه ابن زانية ، وغلو النصارى بالمبالغة في تعظيمه حيث جعلوه ابن الله. قوله : (إِلَّا) (القول) (الْحَقَ) أشار بذلك إلى أنه صفة لمصدر محذوف.