السّلام ورحمة الله وبركاته (أَوْ رُدُّوها) بأن تقولوا له كما قال أي الواجب أحدهما والأول أفضل (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) (٨٦) محاسبا فيجازي عليه ومنه رد السّلام وخصت السنة الكافر والمبتدع والفاسق والمسلم على قاضي الحاجة ومن في الحمام والآكل فلا يجب الرد عليهم بل يكره في غير الأخير ويقال للكافر وعليك (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) والله (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) من قبوركم (إِلى) في (يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ) شك (فِيهِ وَمَنْ) أي لا أحد (أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) (٨٧) قولا ولما رجع ناس من أحد اختلف الناس فيهم فقال فريق اقتلهم وقال فريق لا فنزل (فَما لَكُمْ) أي ما شأنكم صرتم (فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) فرقتين (وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ) ردهم (بِما كَسَبُوا)
____________________________________
قوله : (أَوْ رُدُّوها) أي ردوا مثلها على حد واسأل القرية لأن رد عينها محال. قوله : (والمبتدع) أي صاحب البدعة التي تخالف الشرع. قوله : (والفاسق) أي بالجارحة المتجاهر. قوله : (على قاضي الحاجة) أي ومن في حكمه كمن في محل مستقذر ، أو في حال الاستنجاء. قوله : (ومن في الحمام) أي في محل الحرارة لا خارجه في محل نزع الثياب. قوله : (والآكل) أي بالفعل بأن كان فمه مشغولا بالمضغ لا وقت خلوه منه فيجب الرد. قوله : (بل يكره في غير الأخير) أي الآكل بالفعل. قوله : (ويقال للكافر وعليك) أي لأنه يقول في سلامه السام عليك ، والسام الموت ، فيرد عليه بقوله وعليك ، ومحل ذلك ما لم يتحقق منه النطق بالسلام بلفظه وإلا فيرد.
قوله : (اللهُ) مبتدأ ، و (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) خبر أول ، و (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) خبر ثان ، ورد بالخبر الأول على منكري التوحيد ، وبالثاني على منكري البعث. قوله : (والله) أشار بذلك إلى أن اللام في (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) موطئة لقسم محذوف. قوله : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) أي يحشركم بعد تفرقكم ، قال تعالى : (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ). قوله : (إِلى) (في) أشار بذلك إلى أن (إِلى) مضمنة معنى (في) ويصح بقاؤها على أصلها ، ويضمن الفعل معنى يحشر ، وهو الأقرب ، لأن التجوز في الفعل أكثر من التجوز في الحرف. قوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) أي لا تردد ولا تحير في ذلك اليوم. قوله : (أي لا أحد) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله : (حَدِيثاً) تمييز. قوله : (ولما رجع ناس) هذا إشارة لسبب نزول الآية ، والمراد بالناس عبد الله بن أبي وأصحابه الثلثمائة وكانوا منافقين. قوله : (اختلف الناس) أي الصحابة ، وقوله : (اقتلهم) أي للأمارة الدالة على كفرهم ، وقوله : (وقال فريق لا) أي لنطقهم بالشهادتين ، واللوم في الحقيقة راجع على الفريق الثاني القائل لا تقتلهم.
قوله : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ) ما مبتدأ ولكم جار ومجرور خبر ، وفي المنافقين متعلق بما تعلق به الخبر ، أو متعلق بمحذوف حال من فئتين ، لأنه نعت نكرة تقدم عليها ، أو متعلق بفئتين لتأوله بمشتق أي مفترقين ، وقوله : (فِئَتَيْنِ) خبر لصار المحذوفة كما قدره المفسر. قوله : (وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ) الركس في الأصل النكس ، وهو قلب الشيء على رأسه ، فمعناه على هذا ردهم من حالة العلو وهو عز الإسلام ، إلى السفل وهو ذل الكفر بالسبي والقتل. قوله : (ردهم) أي عن القتال ومنعهم منه ، ولم يجر على أيديهم خير بسبب كسبهم ، لما في الحديث «إن العبد ليحرم الخير بالذنب يصيبه» وفي نسخة بددهم أي فرق شملهم