لَهُ قَرِيناً) صاحبا يعمل بأمره كهؤلاء (فَساءَ) بئس (قَرِيناً) (٣٨) هو (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) أي ضرر عليهم في ذلك والاستفهام للإنكار ولو مصدرية أي لا ضرر فيه وإنما الضرر فيما هم عليه (وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) (٣٩) فيجازيهم بما عملوا (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ) أحدا (مِثْقالَ) وزن (ذَرَّةٍ) أصغر نملة بأن ينقصها من حسناته أو يزيدها في سيئاته (وَإِنْ تَكُ) الذرة (حَسَنَةً) من مؤمن وفي قراءة بالرفع فكان تامة (يُضاعِفْها) من عشر إلى أكثر من سبعمائة وفي قراءة يضعفها بالتشديد (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ) أي من عنده مع المضاعفة (أَجْراً عَظِيماً) (٤٠) لا يقدره أحد (فَكَيْفَ) حال الكفار (إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) يشهد عليها بعملها وهو نبيها (وَجِئْنا بِكَ) يا محمد (عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (٤١) (يَوْمَئِذٍ) يوم المجيء
____________________________________
حال من الواو في ينفقون. قوله : (كهؤلاء) أي الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ، ومن ينفق ماله مرائيا ، ومن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر. قوله : (فَساءَ قَرِيناً) ساء بمعنى بئس تساق للذم فهي نظيرتها في المعنى والعمل ، وقرينا تمييز ، والأصل فساء القرين قرينهم ، وقدر المخصوص بالذم بقوله : (هو) واعلم أن كل إنسان له قرين من الشياطين يوسوس له في الدنيا ويكون معه في النار في سلسلة ، واختلف فقيل الذم في الدنيا على مطاوعته فيما يأمره به ، وقيل في الآخرة على مقارنته له في السلسلة في النار. قوله : (أي أي ضرر) أشار بذلك إلى أن ماذا استفهام وهو للإنكار والتوبيخ. قوله : (ولو مصدرية) أي والكلام على تقدير في ، وإليه يشير المفسر بقوله أي لا ضرر عليهم فيه ، فالتقدير وماذا عليهم في إيمانهم.
قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) المقصود من ذلك إظهار العدل في المجازاة على السيئات وكمال الفضل في المجازاة على الحسنات. قوله : (أصغر نملة) وقيل هو الهباء الذي يكون في الشمس ، فقوله : (من مؤمن) أي لا من كافر ، بل تكون هباء منثورا. قوله : (وفي قراءة بالرفع) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (يُضاعِفْها) أي يضاعف ثوابها. قوله : (لا يقدره) أي لا يحصره ولا يعده ، بل من محض فضله وكرمه.
قوله : (فَكَيْفَ) خبر لمبتدأ محذوف ، قدره المفسر بقوله : (حال الكفار) وهو استفهام تعجبي استعظامي ، أي تعجب من حالهم ، فإنه بلغ الغاية في الفظاعة والشناعة ، لعظيم ما رأوه من الأهوال العظيمة. قوله : (إذا جئنا) ظرف متعلق بالمبتدأ المحذوف. قوله : (عَلى هؤُلاءِ) أي أمم الأنبياء الكفار حين ينكرون تبليغ أنبيائهم لهم الرسالة. وحاصل ذلك ، أنه بعد انفضاض الموقف تحضر الأنبياء مع أممهم ، فيقول الله للأمم : ألم تبلغكم الرسل الشرائع ، فيقولون : يا ربنا ما بلغونا ، فيسأل الله الرسل : ألم تبلغوهم ما أرسلتكم به؟ فيقولون : بلى ، فيقول الله للرسل : هل لكم شهود؟ فيقولون : محمد وأمته ، فيؤتى بهم فيشهدون على الأمم بالتكذيب وللأنبياء بالبراءة ، ثم بعد ذلك إن وقع منهم إنكار تنطق عليهم ألسنتهم ، بل وجميع أعضائهم والأزمنة والأمكنة بتكذيبهم ، وهذا الاحتمال هو الأظهر ، ويحتمل أن اسم الإشارة عائد على المشركين مطلقا من أول الزمان إلى آخره ، أو عائد على الكفار والمنافقين من أمته صلىاللهعليهوسلم