الرزق (قَدَرُهُ) يفيد أنه لا نظر إلى قدر الزوجة (مَتاعاً) تمتيعا (بِالْمَعْرُوفِ) شرعا صفة متاعا (حَقًّا) صفة ثانية أو مصدر مؤكد (عَلَى الْمُحْسِنِينَ) (٢٣٦) المطيعين (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) يجب لهن ويرجع لكم النصف (إِلَّا) لكن (أَنْ يَعْفُونَ) أي الزوجات فيتركنه (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) وهو الزوج فيترك لها الكل وعن ابن عباس الولي إذا كانت محجورة فلا حرج في ذلك (وَأَنْ تَعْفُوا) مبتدأ خبره (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) أي أن يتفضل بعضكم على بعض (إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٢٣٧) فيجازيكم به (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) الخمس بأدائها في أوقاتها (وَالصَّلاةِ
____________________________________
محذوف قدره بقوله فطلقوهن. قوله : (قَدَرُهُ) بفتح الدال وسكونها قراءتان سبعيتان قوله : (يفيد أنه لا نظر إلى قدر الزوجة) أي وهو أحد الأقوال عند الشافعي ، والمفتى به عند مالك ، ولكن المعتمد عند الشافعي مراعاة حال الزوج والزوجة. قوله : (تمتيعا) أشار بذلك إلى أن اسم المصدر بمعنى المصدر. قوله : (شرعا) أي لا بشيء حرام. قوله : (أو مصدر مؤكد) أي وعامله محذوف أي أحقه حقا. وأعلم أنه اختلف في المتعة ، فقيل واجبة نظرا للأمر ولقوله حقا وبه أخذ الشافعي ، وقيل مندوبة نظرا لقوله بالمعروف ، ولقوله على المحسنين ، وبه أخذ مالك. قوله : (مِنْ قَبْلِ) متعلق بطلقتموهن وقوله : (وَقَدْ فَرَضْتُمْ) الجملة حالية. قوله : (فَرِيضَةً) بمعنى مفروضة مفعول به ، وقيل مفعول مطلق بمعنى فرض ، لكن الأول أقرب. قوله : (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) مبتدأ خبره محذوف قدره المفسر بقوله (يجب لهن) ويحتمل أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره فاللازم لكم ما فرضتم ، وما اسم موصول والعائد محذوف ، وجملة فرضتم صلته ونصف مثلث الوزن ونصيف كرغيف ، ولا يقرأ في جميع مواضع القرآن إلا بكسر النون لا غير. قوله : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) إلا أداة استثناء ، وأن حرف مصدري ونصب ، ويعفون مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة وهي فاعل ، والواو لام الكلمة لا واو الجماعة لأن وزنها يفعلن بخلاف الرجال يعفون فإن وزنه يفعون ، وقدر المفسر لكن إشارة إلى أن الاستثناء منقطع لأن العفو ليس من جنس ما قبله فإن ما قبله وجوب دفع نصف المهر. قوله : (فيترك لها الكل) أي وتسميته عفوا مشاكلة لما قبله. قوله : (الولي) أي المجبر ، وقال به مالك. قوله : (محجورة) أي مجبورة.
قوله : (وَأَنْ تَعْفُوا) الضمير عائد على من ذكر من الرجال والنساء ، وإنما غلب الرجال لشرفهم ، وأصله تعفوون دخل الناصب فحذف النون ثم استثقلت الضمة على الواو فحذفت فالتقى ساكنان حذفت لام الكلمة لالتقائهما. قوله : (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) استشكل كلام ابن عباس بأن عفو الولي لا تقوى فيه. أجيب بأن المراد بالتقوى الألفة ، أي فإذا عفا الولي فربما تحصل الألفة من الزوج ثانيا. قوله : (أي أن يتفضل بعضكم على بعض) أي يفعل بعضكم مع بعض مكارم الأخلاق بأن يحصل العفو عن جميع المهر من الزوج ، أو تعفو الزوجة عن النصف الذي يخصها.
قوله : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) أتى بهذه الآية في خلال ما يتعلق بالأزواج والأولاد تنبيها على أنه لا ينبغي من العبد أن يشتغل عن حقوق سيده بأمر الأزواج والأولاد ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ). قوله : (بأدائها في أوقاتها) أي مع استكمال شروطها وفرائضها