وَالْأَسْباطِ) أولاده (وَما أُوتِيَ مُوسى) من التوراة (وَعِيسى) من الانجيل (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) من الكتب والآيات (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كاليهود والنصارى (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (١٣٦) (فَإِنْ آمَنُوا) أي اليهود والنصارى (بِمِثْلِ) مثل زائدة (ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا) عن الإيمان به (فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) خلاف معكم (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) يا محمد شقاقهم (وَهُوَ السَّمِيعُ) لأقوالهم (الْعَلِيمُ) (١٣٧) بأحوالهم وقد كفاه إياهم بقتل قريظة ونفي النضير وضرب الجزية عليهم (صِبْغَةَ اللهِ) مصدر مؤكد لآمنا ونصبه بفعل مقدر أي صبغنا الله والمراد بها دينه الذي فطر الناس عليه لظهور أثره على صاحبه كالصبغ في الثوب (وَمَنْ) أي لا أحد (أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) تمييز (وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ) (١٣٨) قال اليهود للمسلمين نحن أهل الكتاب الأول وقبلتنا أقدم ولم تكن الأنبياء من
____________________________________
قوله : (وَما أُوتِيَ مُوسى) عبر أولا بأنزل وثانيا بأوتى تفننا ودفعا للثقل. قوله : (وَعِيسى) لم يكرر ما أوتي لأن مؤدى الإنجيل والتوراة واحد ، وإنما التغاير في شيء يسير وهو تحليل بعض ما حرم. قوله : (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ) هذا من عطف العام على الخاص ، إشارة إلى أنه يجب علينا الإيمان بجميع أنبياء الله وما أنزل عليهم. قوله : (كاليهود) أي فإنهم آمنوا بموسى وكفروا بمن عداه ، وقوله والنصارى أي فإنهم آمنوا بعيسى وكفروا بمن عداه. قوله : (مثل زائدة) أي لأن المعنى على أصالتها فاسد لأنه يوهم أنهم مأمورون بالإيمان بمثل الله ومثل ما أنزل على محمد إلخ وهذا باطل. قوله : (خلاف) أي مخالفة الدين الحق ويطلق على الضلال وعلى العداوة ، ويصح إرادة كل منهما لأن تولى عن الإيمان فهو في ضلال ومعاداة الله. قوله : (شقاقهم) أي ضرر ضلالهم ومخالفتهم ومعاداتهم. قوله : (بقتل قريظة) أي فقد قتل منهم في يوم واحد سبعمائة من صناديدهم ورموا في الخندق. قوله : (وضرب الجزية عليهم) أي اليهود والنصارى.
قوله : (صِبْغَةَ اللهِ) الصبغ بالكسر أثر الصبغ بالفتح الذي هو المصدر. وسبب نزول الآية أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمى ماء المعمودية ، ويقولون حينئذ : قد صار نصرانيا حقا ، فنزلت ردا عليهم كأن الله يقول لهم : صبغتي لعبيدي لا أحسن منها صبغة. قوله : (أي صبغنا) من باب نفع وضرب ونصر. قوله : (كالصبغ في الثوب) أشار بذلك إلى أن في الكلام استعارة تصريحية أصلية ، حيث شبه آثار الإيمان القائم بالشخص بالصبغ القائم بالثوب بجامع المكث والظهور في كل ، واستعير اسم المشبه به للمشبه ، وفي هذه الآية بشرى للمؤمنين عظيمة ، وهي أن الإيمان في القلب كالصبغ المتقن في الثوب ، فكما لا يزول الصبغ من الثوب كذلك الإيمان لا يزول من القلب لأن صبغة الله لا أحسن منها ، ولذا قيل إن موت المؤمن على غير الإيمان نادر كالكبريت الأحمر ، والمراد من الصبغة الأنوار الكائنة في القلب والأعضاء لأن الإيمان لا يكمل إلا إذا صبغ به كصبغة الثوب ، قال تعالى : (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ). وقال تعالى : (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) في الحديث : «لو كشف عن نور المؤمن العاصي لأضاء ما بين المشرق والمغرب وإنما انحجب عنه ليتم وعد الله ووعيده». قوله : (قال اليهود) شروع في ذكر سبب نزول الآية. قوله : (الأول) أي السابق على الأنجيل والقرآن. قوله : (من العرب) أي بل كانت من بني إسرائيل.