بفعل الوصي فمجاز عليه (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ) مخففا ومثقلا (جَنَفاً) ميلا عن الحق خطأ (أَوْ إِثْماً) بأن تعمد ذلك بالزيادة على الثلث أو تخصيص غنى مثلا (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ) بين الموصي والموصى له بالعدل (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) في ذلك (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٨٢) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ) فرض (عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) من الأمم (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٨٣) المعاصي فإنه يكسر الشهوة التي هي مبدؤها (أَيَّاماً) نصب بالصيام أو بصوموا مقدرا (مَعْدُوداتٍ) أي قلائل أو مؤقتات بعدد معلوم وهي رمضان كما سيأتي وقلله تسهيلا على المكلفين (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ) حين شهوده (مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) أي مسافرا سفر القصر وأجهده الصوم في الحالين فأنظر (فَعِدَّةٌ) فعليه عدة ما أفطر (مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) يصومها بدله (وَعَلَى
____________________________________
قوله : (فَمَنْ خافَ) الأحسن أن هذا الحكم عام فهو غير منسوخ ، ويؤخذ هذا من تقديم المفسر قوله وهذا منسوخ عليه. قوله : (مخففا ومثقلا) أي فهما قراءتان سبعيتان والمعنى واحد. قوله : (خطأ) حمله على ذلك عطف قوله أو إثما عليه وإلا فالجنف في الأصل الميل عن الحق مطلقا. قوله : (بين الموصي والموصى له) أي إن أدرك وهو حي وحصل إصلاح فالإثم مرتفع وإلا فعليه الإثم ويبطل مما زاد على الثلث.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) خطاب للمؤمنين من أهل المدينة لكن المراد العموم قوله : (الصِّيامُ) هو لغة الإمساك ومنه (إني نذرت للرحمن صوما) أي إمساكا عن الكلام ومنه أيضا : خيل صيام وخيل غير صائمة. أي ممسكة عن الجري وغير ممسكة عنه ، واصطلاحا الإمساك عن شهوتي البطن والفرج يوما كاملا من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التقرب إلى الله تعالى. قوله : (من الأمم) أي وأنبيائهم من آدم إلى نبينا لكن لا كصومنا من كل جهة فالتشبه في الفرضية لا الكيفية والثواب وحكمة ذكر التشبيه التأكيد في الأمر والتسلي بمن قبلنا لأن في الصوم نوع صعوبة. قوله : (فإنه يكسر الشهوة) أي لما في الحديث «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» أي قاطع لشهوته كما تنقطع بالخصى. قوله : (نصب بالصوم) أي على أنه ظرف له أي الصيام في أيام ، وقوله أو بصوموا مقدرا أي دل عليه قوله الصيام وهو الأحسن.
قوله : (مَعْدُوداتٍ) أي أقل من أربعين إذ العادة في لغة العرب متى ذكر لفظ العدد يكون المراد به ذلك. قوله : (أو مؤقتات) هذا هو الأولى ليعلم منه تعيينها ، وقيل معنى معدودات معدات للعطايا الربانية ، فالصالحون يتهيؤون لها لما في الحديث «إن لله في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها» وأيضا فيه ليلة خير من الف شهر وغير ذلك من فضائله المشهورة. قوله : (تسهيلا على المكلفين) أي ليقدموا عليها. قال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) الآية. قوله : (أَوْ عَلى سَفَرٍ) أي ملتبسا به قوله : (في الحالين) أي المرض والسفر وهذا ظاهر بالنسبة للمرض لا للسفر ، فإن المسافر يباح له الفطر وإن لم يجهده بالصوم ، لكن الصوم أفضل له في هذه الحالة ، ولا فرق في السفر بين كونه برا أو بحرا.
قوله : (أُخَرَ) بالجمع صفة لأيام ممنوع من الصرف للوصفية والعدل ، ولم يقل أخرى مع