وفي قراءة بحذفها (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ) كيف هو فرآه ميتا وعظامه بيض تلوح ، فعلنا ذلك لتعلم (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً) على البعث (لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ) من حمارك (كَيْفَ نُنْشِزُها) نحييها بضم النون وقرىء بفتحها من أنشر ونشر لغتان وفي قراءة بضمها والزاي نحركها ونرفعها (ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) فنظر إليها وقد تركبت وكسيت لحما ونفخ فيه الروح ونهق (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) ذلك بالمشاهدة (قالَ أَعْلَمُ) علم مشاهدة (أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٥٩) وفي قراءة أعلم ، أمر من الله له (وَ) اذكر (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ) تعالى (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) بقدرتي
____________________________________
فأصل سنة سنهة. قوله : (وقيل للسكت) أي فهي زائدة وأصل سنة سنو. قوله : (وفي قراءة بحذفها) أي وصلا. قوله : (من أنشر ونشر) لف ونشر مرتب. قوله : (ونرفعها) أي نرفع بعضها إلى بعض. قوله : (علم مشاهدة) جواب عن سؤال مقدر. قوله : (أمر من الله له) أي وترقى من علم اليقين إلى عين اليقين ، روي أن العزيز لما أحيي ورأسه ولحيته إذ ذاك سوداوان وهو ابن أربعين سنة ، ركب حماره وأتى محلته ، فأنكره الناس وأنكر هو الناس والمنازل ، فانطلق على وهم منه حتى أتى منزله ، فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أدركت زمن عزير ، فقال عزير : يا هذه هذا منزل عزير ، قالت : نعم ، وأين عزير ، قد فقدناه منذ كذا وكذا فبكت بكاء شديدا قال : فإني عزير ، قالت : سبحان الله وأني يكون ذلك ، قال : قد أماتني الله مائة عام ثم بعثني. قالت : إن عزيرا كان رجلا مجاب الدعوة فادع الله لي يرد علي بصري حتى أراك ، فدعا ربه ومسح بين عينيها فصحتا فأخذ بيدها فقال لها قومي بإذن الله فقامت صحيحة كأنما نشطت من عقال ، فنظرت إليه فقالت أشهد أنك عزير ، فانطلقت به إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ، وكان في المجلس ابن لعزير قد بلغ مائة وثماني عشرة سنة وبنو بنته شيوخ ، فنادت هذا عزير قد جاءكم فكذبوها ، فقالت انظروا فإني بدعائه رجعت إلى هذه الحالة ، فنهض الناس فأقبلوا إليه ، فقال ابنه كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه مثل الهلال فكشف فإذا هو كذلك ، وقد كان قبل بختنصر ببيت المقدس من قراء التوراة أربعون ألف رجل ، ولم يكن يومئذ بينهم نسخة من التوراة ولا أحد يعرف التوراة ، فقرأها عليهم عن ظهر قلبه من غير أن يخل منها بحرف ، فقال رجل من أولاد المسبيين ممن ورد بيت المقدس بعد هلاك بختنصر حدثني أبي عن جدي أنه دفت التوراة يوم سبينا في خابية في كرم فإن أريتموني كرم جدي أخرجتها لكم ، فذهبوا به إلى كرم جده ففتشوا فوجدوها فعارضوها بما أملى عليهم عزير عن ظهر القلب فما اختلفا في حرف واحد ، فعند ذلك قالوا هو ابن الله ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
قوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) هذا دليل آخر لقوله الله ولي الذين آمنوا ، وقصة إبراهيم أبلغ من قصة العزيز لعظم مقام إبراهيم ، وإنما غاير الأسلوب ولم يقل أو كالذي (قال رب أرني) الخ لأن إبراهيم قد تقدم له ذكر ، وأيضا الأمر المعجز لم يقع له في نفسه كالعزير وإنما أراه الله ذلك في غيره ، وسبب سؤال إبراهيم أنه مر بساحل طبريا فوجد جيفة إنسان وقيل حمار وقيل حوت ، فلما رآه وجد السباع والطيور والسمك تأكل منها ، فاشتاقت نفسه إلى رؤية جمع الله لها ، فقال أعلم أن الله قادر على جمعها لكن أحب أن أرى ذلك ، وقيل سبب سؤاله أنه لما حاجج النمروذ حيث (قال ابراهيم ربي الذي يحيي ويميت) فقال النمروذ أنا أحيي وأميت ، ودعا رجلين فقتل أحدهما وعفا عن الآخر ، فقال له إبراهيم ليس هذا إحياء إدخال الروح في الجسم وتقويمه بها ، فقال النمروذ أو ربك يفعل ذلك فقال إبراهيم نعم ، فقال له هل عاينته