فلكم أن تصلوا واستثناء المسافر لأن له حكما آخر سيأتي وقيل المراد النهي عن قربان مواضع الصلاة أي المساجد إلا عبورها من غير مكث (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) مرضا يضره الماء (أَوْ عَلى سَفَرٍ) أي مسافرين وأنتم جنب أو محدثون (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) هو المكان المعد لقضاء الحاجة أي أحدث (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) وفي قراءة بلا ألف وكلاهما بمعنى اللمس وهو الجس باليد قاله ابن عمر وعليه الشافعي وألحق به الجس بباقي البشرة وعن ابن عباس هو الجماع (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) تتطهرون به للصلاة بعد الطلب والتفتيش وهو راجع إلى ما عدا المرضى (فَتَيَمَّمُوا) اقصدوا بعد دخول الوقت (صَعِيداً طَيِّباً) ترابا طاهرا فاضربوا به ضربتين (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) مع المرفقين منه ومسح يتعدى بنفسه وبالحرف (إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) (٤٣) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً) حظا (مِنَ الْكِتابِ) وهم اليهود (يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ) بالهدى (وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) (٤٤) تخطئوا طريق الحق لتكونوا مثلهم (وَاللهُ
____________________________________
وهو كذلك. قوله : (سيأتي) أي في قوله : (أَوْ عَلى سَفَرٍ) الخ. قوله : (وقيل المراد النهي الخ) هذا تفسير آخر للآية ، وبه أخذ الإمام الشافعي ، وقال مالك بحرمة مرور الجنب في المسجد إذا كان غير مضطر. قوله : (يضره الماء) أي فيتيمم ويصلي ، ولا إعادة عليه عند مالك وأبي حنيفة ، وقال الشافعي بالإعادة. قوله : (أي مسافرين) أي ولو كان غير قصر. قوله : (أو محدثون) أي بالريح مثلا. قوله : (وهو المكان المعد لقضاء الحاجة) أي في الأصل ، ثم أطلق على نفس الحاجة من إطلاق المحل ، وإرادة الحال يدل عليه. قوله : (أي أحدث). قوله : (وهو الجس باليد) أي ولو كان من غير قصد أو وجدان لغير محرم وعليه الشافعي ، وقال مالك يقيد بالقصد أو الوجدان ، وأخذ أبو حنيفة بكلام ابن عباس ، فالجس باليد عنده لا يوجب الوضوء مطلقا. قوله : (وهو راجع إلى ما عدا المرضى) أي وأما المرضى فيتيممون مع وجوده ، لأنهم لا يقدرون على استعماله ، أو يراد بعدم الوجود حقيقة أو حكما فيشمل المرضى ، لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. قوله : (بعد دخول الوقت) إنما قيد بذلك لأن التيمم لا يصح قبله. قوله : (ترابا طاهرا) هكذا فسر به الشافعي ، وقال مالك الصعيد هو ما صعد على وجه الأرض من أجزائها ، ولم يحرق بالنار ، ولم يكن من الجواهر النفسية كالتراب أو الرمل أو الحجارة أو غير ذلك. قوله : (مع المرفقين) أي فمسحهما واجب وبه أخذ الشافعي ، وقال مالك إن التكميل للمرفقين سنة ، وإنما الفرض عنده مس اليدين للكوعين كما هو ظاهر الآية. قوله : (منه) قدره لبيان الممسوح به ، كما صرح به في آية المائدة. قوله : (ومسح يتعدى بنفسه) أي فعليه تكون الباء زائدة ، وقوله : (وبالحرف) أي وعليه تكون الباء للتعدية ، لأن سيبويه حكى : مسحت رأسه وبرأسه.
قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) تعليل للترخيص المستفاد مما قبله. قوله : (أَلَمْ تَرَ) كلام مستأنف سيق لتعجب النبي والمؤمنين من سوء حالهم. قوله : (إِلَى الَّذِينَ) أبهمهم لفظاعة حالهم وشناعته. قوله : (مِنَ الْكِتابِ) أي التوراة. قوله : (وهم اليهود) أي بعض علمائهم. قوله : (بالهدى) قدره إشارة إلى أن المقابل محذوف. والمعنى أنهم يأخذون الضلالة بدل الهدى ، والمراد بالضلالة الكفر وتكذيب سيدنا محمد ، والمراد بالهدى الإيمان وتصديقه.