وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) ألواح التوراة غضبا لربه فتكسرت (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) أي بشعره بيمينه ولحيته بشماله (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) غضبا (قالَ) يا (ابْنَ أُمَ) بكسر الميم وفتحها أراد أمي وذكرها أعطف لقلبه (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا) قاربوا (يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ) تفرح (بِيَ الْأَعْداءَ) بإهانتك إياي (وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١٥٠) بعبادة العجل في المؤاخذة (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) ما صنعت بأخي (وَلِأَخِي) أشركه في الدعاء إرضاء له ودفعا للشماتة فيه (وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (١٥١) قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) إلها (سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ) عذاب (مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فعذبوا بالأمر بقتل أنفسهم وضربت عليهم الذلة إلى يوم القيامة (وَكَذلِكَ) كما جزيناهم (نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) (١٥٢) على الله بالإشراك وغيره (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا) رجعوا عنها (مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا) بالله (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) أي التوبة (لَغَفُورٌ) لهم (رَحِيمٌ) (١٥٣) بهم (وَلَمَّا سَكَتَ) سكن (عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ) التي ألقاها (وَفِي نُسْخَتِها) أي ما نسخ فيها أي
____________________________________
موتي وغيرتم بعدي ، كما غيرت الأمم بعد أنبيائهم. قوله : (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) أي وكان حاملا لها. قوله : (فتكسرت) هذا أحد الأقوال ، وقيل إنه تكسر البعض وبقي البعض ، وقيل المراد بإلقائها وضعها ليتفرغ لمكالمة أخيه ، فلما فرغ أخذها بعينها ولم يذهب منها بشيء ، كما حققه زاده على البيضاوي. قوله : (أي بشعره بيمينه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف.
قوله : (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) حال من فاعل (أَخَذَ). قوله : (بكسر الميم وفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فأما قراءة الفتح ، فعند البصريين مبني على الفتح لتركبه تركيب خمسة عشر ، وعند الكوفيين (ابْنَ) منادى منصوب بفتحة ظاهرة ، وهو مضاف لأم ، مجرور بكسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفا المحذوفة للتخفيف ، وبقيت الفتحة لتدل عليها ، وأما على قراءة الكسر ، فعند البصريين هو منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة تخفيفا فهو كسر بناء ، وعند الكوفيين كسرة إعراب ، وحذفت الياء اكتفاء بالكسرة. قوله : (وذكرها أعطف) جواب عما يقال إن هارون شقيق موسى ، فلم اقتصر في خطابه على الأم ، وكان هارون كثير الحلم محببا في بني إسرائيل ، وهو أكبر من موسى بثلاث سنين. قوله : (وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) أي بذلت وسعي في نصيحتهم ، حتى قهروني وقاربوا قتلي. قوله : (فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ) الشماتة فرح العدو بما ينال الشخص من المكروه.
قوله : (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) أي لما تبين له عذر أخيه ، جمعه في الدعاء استعطافا وإرضاء له. قوله : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) أي وكانوا ستمائة ألف وثمانية آلاف ، وبقي اثنا عشر ألفا لم يعبدوه ، لأن جملة من عبر البحر مع موسى ستمائة ألف وعشرون ألفا. (قوله إلها) قدره إشارة إلى أن مفعول اتخذوا محذوف. قوله : (سَيَنالُهُمْ) الاستقبال بالنسبة لخطاب موسى به ، وأما بالنسبة لنزوله على نبينا فهو ماض. قوله : (رجعوا عنها) أي عن السيئات التي منها عبادة العجل.
قوله : (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) أي بمراجعة هارون له ، حيث ألان له الكلام واعتذر له ، وفي الكلام استعارة بالكناية ، حيث شبه الغضب بأمير قام على موسى ، فأمره بالقاء الألواح والأخذ