(أَوْ مِثْلِها) في التكليف والثواب (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٠٦) ومنه النسخ والتبديل والإستفهام للتقرير (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يفعل فيهما ما يشاء (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره (مِنْ) زائدة (وَلِيٍ) يحفظكم (وَلا نَصِيرٍ) (١٠٧) يمنع عذابه عنكم إن أتاكم ونزل لما سأله أهل مكة أن يوسعها ويجعل الصفا ذهبا (أَمْ) بل أ(تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى) أي سأله قومه (مِنْ قَبْلُ) من قولهم أرنا الله جهرة وغير ذلك (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ) أي يأخذه بدله بنرك النظر في الآيات البينات واقترح غيرهما (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) (١٠٨) أخطأ الطريق الحق والسواء في الأصل الوسط (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ
____________________________________
كقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) بعد قوله : (وعلى الذين يطيقونه فدية) فليس ثواب من خير بين الأمرين كثواب من تحتم عليه الصوم.
قوله : (أَوْ مِثْلِها) أي كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة ، فإنه لا مشقة في كل ، وليس أحدهما أكثر ثوابا من الآخر. قوله : (والإستفهام للتقرير) أي أقر واعترف بكون الله قديرا على كل شيء. قوله : (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) ما حجازية ولكم خبرها مقدم ، ومن دون الله حال من ولي ومن زائدة وولي اسمها مؤخر ، ولا نصير معطوف على ولي ولا زائدة لتأكيد النفي ، ويحتمل أنها تميمية ، وما بعد مبتدأ وخبر ويحتمل أن من في قوله من دون الله زائدة أو أصلية متعلق بما تعلق به الخبر. قوله : (مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) الفرق بين الولي والنصير أن الولي قد يضعف عن النصرة ، والنصير قد يكون أجنبيا من المنصور ، فبينهما عموم وخصوص من وجه. قوله : (أن يوسعها) أي بإزالة الجبلين المحيطين بها. قوله : (ويجعل الصفا ذهبا) أي وغير ذلك مما ذكره الله في سورة الإسراء في قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) الآية ، هكذا ذكر المفسر ، واستشكل ذلك بأن هذه السورة مدنية ، والسؤال من أهل مكة كان قبل المهاجرة ، فالحق أن يقال إن سبب نزولها سؤال يهود المدينة إنزال كتاب من السماء ، بدليل أن السورة مدنية وأن السياق في خطاب اليهود ، ووجود أم التي بمعنى بل التي للإضراب الإنتقالي ، المفيد أن له تعلقا بما قبله. قوله : (رَسُولَكُمْ) أي محمدا صلىاللهعليهوسلم لأنه رسول الخلق أجمعين.
قوله : (كَما سُئِلَ مُوسى) بني الفعل للمجهول للعلم بالفاعل. قوله : (وغير ذلك) أي من قولهم (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) ومن قولهم : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) ونحو ذلك قوله : (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ) استئناف لبيان حال من تعنت على نبيه. قوله : (سَواءَ السَّبِيلِ) من إضاف الصفة للموصوف أي السبيل السواء بمعنى المستوي. قوله : (أخطأ طريق الحق) أي فقد شبه الدين الحق بالطريق المستوي بجامع أن كلا يوصل للمقصود.
قوله : (وَدَّ كَثِيرٌ) سبب نزولها أن عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان لما رجعا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غزوة أحد ، اجتمعا برهط من اليهود فقالوا لهما ألم نقل لكما إن دين اليهود هو الحق وغيره باطل ، فلو كان ما عليه محمد حقا ما قتلت أصحابه مع دعواه أنه يقاتل والله معه ، فقال عمار بن ياسر ما حكم نقض العهد عندكم ، فقالوا فظيع جدا ، فقال إني عاهدت محمدا على اتباعه إلى أن أموت فلا أنقضه أبدا ، فقالوا قد صبأ ، فقال حذيفة رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، والكعبة قبلة ، والقرآن إماما ، والمؤمنين