فيمن حلف كاذبا في دعوى أو في بيع سلعة (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ) يستبدلون (بِعَهْدِ اللهِ) إليهم في الإيمان بالنبي وأداء الأمانة (وَأَيْمانِهِمْ) حلفهم به تعالى كاذبين (ثَمَناً قَلِيلاً) من الدنيا (أُولئِكَ لا خَلاقَ) نصيب (لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) غضبا عليهم (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) يرحمهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ) يطهرهم (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٧) مؤلم (وَإِنَّ مِنْهُمْ) أي أهل الكتاب (لَفَرِيقاً) طائفة ككعب بن الأشرف (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ) أي يعطفونها بقراءته عن المنزل إلى ما حرفوه من نعت النبي ونحوه (لِتَحْسَبُوهُ) أي المحرف (مِنَ الْكِتابِ) الذي أنزله الله (وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٨) أنهم كاذبون. ونزل لما قال نصارى نجران : إن عيسى أمرهم أن
____________________________________
نعته حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف. قوله : (في دعوى) أي كانت بين رجلين في بئر أحدهما الأشعث بن قيس فاختصما إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال شاهداك أو يمينه فقال الأشعث بن قيس إذا يحلف كاذبا ولا يبالي ، وقوله : (أو بيع سلعة) أي فيمن أراد بيعها وحلف لقد أعطي فيها كذا كاذبا.
قوله : (بِعَهْدِ اللهِ) الباء داخلة على المتروك أي يتركون الوفاء به في نظير الثمن القليل. قوله : (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ) أي فهم مخلدون في النار إن استحلوا ذلك. قوله : (ولا يكلمهم الله) إن قلت إن قوله تعالى في سورة المؤمنون : (قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون) الآية ، يقتضي أن الله يقع منه كلام لهم ، فكيف الجمع بين الاثنين؟ أجيب بأن قوله تعالى (ولا يكلمهم الله) أي كلام رضا فلا ينافي أنه يكلمهم كلام غضب أو لا يكلمهم أصلا وآيات الكلام على لسان الملائكة ، ويشهد لذلك قوله تعالى : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ). قوله : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) أي نظر رحمة وإلا فهو ناظر لكل شيء. قول (يطهرهم) أي من الذنوب ولا يثني عليهم وهذا استخفاف بهم.
قوله : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً) هذا من جملة قبائحهم وتلبيساتهم ، وأكدت الجملة بأن واللام إشارة إلى أن ذلك محقق منهم. قوله : (ككعب بن الأشرف) أدخلت الكاف ، مالك بن الصيف ، وحيي بن أخطب ، وأبي ياسر ، وشعبة بن عمرو الشاعر. قوله : (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ) في محل نصب صفة لفريقا ، وقوله : (مِنْهُمْ) متعلق بمحذوف خبر إن ، وراعى في الجمع معنى فريقا لأنه اسم جمع كرهط وقوم ، قال بعضهم يجوز مراعاة اللفط ، وألسنتهم جمع لسان ، وهذا على أنه مذكر ، وأما على أنه مؤنث فهو جمع لألسن كذراع وأذرع ، والمراد من الألسنة الكلام ، ففيه إطلاق الشيء على آلته ، والباء في الكتاب بمعنى في ، أي يلفتون ألسنتهم في حال قراءة الكتاب. قوله : (أي يعطفونها) أي يلفتونها. قوله : (عن المنزل) متعلق بيعطفونها ، وكذا قوله : (من نعت النبي) بيان لما. قوله : (ونحوه) أي كآية الرجم وغيرها مما يشهد للنبي بالتصديق.
قوله : (لِتَحْسَبُوهُ) أي أيها المؤمنون ، فالمقصود من ذلك إدخال اللبس على المؤمنين. قوله : (مِنَ الْكِتابِ) في محل نصب مفعول ثان لتحسبوه ، والهاء مفعول أول. قوله : (وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ) أي لا في الواقع ولا في اعتقادهم ، وأظهر في محل الاضمار في الموضعين زيادة في التبكيت عليهم. قوله : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الواو للحال ، وقوله : (أنهم كاذبون) إشارة إلى مفعول يعلمون. قوله : (ونزل لما قال نصارى