آبائكم من الإنجاء من فرعون ، وفلق البحر ، وتظليل الغمام ، وغير ذلك بأن تشكروها بطاعتي (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) الذي عهدته إليكم من الإيمان بمحمد (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) الذي عهدت إليكم من الثواب عليه بدخول الجنة (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٤٠) خافون في ترك الوفاء به دون غيري (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) من القرآن (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) من التوراة بموافقته له في التوحيد والنبوة (وَلا تَكُونُوا
____________________________________
السادسة بإسقاط الهمزة والياء مع بقاء الألف ، السابعة إبدال اللام الأخيرة بالنون مع بقاء الألف والهمزة والياء وجمعه أساريل وأسارلة وأسارل ، قوله : (أولاد يعقوب) أي ابن اسحق ابن ابراهيم الخليل.
قوله : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ) الذكر بكسر الدال وضمها بمعنى واحد ، وهو ما كان باللسان أو بالجنان وقال الكسائي ما كان باللسان فهو بالكسر وما كان بالقلب فهو بالضم وضد الأول صمت والثاني نسيان والنعمة اسم لما ينعم به وهي شبيهة بفعل بمعنى مفعول ، والمراد بها الجمع لأنها اسم جنس ، قال تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) وقوله : (الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) جملة الصلة والموصول صفة للنعمة والعائد محذوف تقديره أنعمتها بالنصب على نزع الخافض ولا يقدر أنعمت بها لئلا يلزم حذف العائد من غير وجود شرطه لقول ابن مالك : كذا الذي جر بما الموصول جر. وليس الموصول مجرورا ، فتأمل ، قوله : (وغير ذلك) أي من بقية العشرة وهي العفو عنهم وغفران خطاياهم ، وإتيان موسى الكتاب والحجر الذي تفجرت منه اثنتا عشرة عينا والبعث بعد الموت وإنزال المن والسلوى عليهم.
تنبيه : بقي ذكر قبائحهم العشرة وهي : قولهم سمعنا وعصينا ، واتخاذهم العجل ، وقولهم أرنا الله جهرة وتبديل القول الذي أمروا به ، وقولهم لن نصبر على طعام واحد ، وتحريف الكلم وتوليهم عن الحق بعد ظهوره وقسوة قلوبهم ، وكفرهم بآيات الله ، وقتلهم الأنبياء بغير حق. وأما عقوباتهم العشرة فهي ضرب الذلة والمسكنة عليهم ، والغضب من الله ، وإعطاء الجزية ، وأمرهم بقتل أنفسهم ، ومسخهم قردة وخنازير ، وإنزال الرجز عليهم من السماء ، وأخذ الصاعقة لهم ، وتحريم طيبات أحلت لهم ، وهذ العشرات في أصولهم ، وقد وبخ الله المعاصرين لمحمد صلىاللهعليهوسلم بعشرة أخرى : كتمانهم أمر محمد ، وتحريف الكلم ، وقولهم هذا من عند الله ، وقتلهم أنفسهم ، وإخراجهم فريقا من ديارهم ، وحرصهم على الحياة ، وعداوتهم لجبريل ، واتباعهم السحر ، وقولهم نحن ابناء الله ، وقولهم يد الله مغلولة ، قوله تعالى : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا). قوله : (بأن تشكروها) أي تصرفوها فيما يرضي ربكم.
وقوله : (وَأَوْفُوا) يقال أوفى ووفى مشددا ومخففا. قوله : (من الإيمان بمحمد) أي في قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) الآيات. قوله : (بدخول الجنة) أي في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ) الآيات وقوله تعالى : (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) الآيات. قوله : (دون غيري) أخذ الحصر من تقديم المعمول ، وإياي مفعول المحذوف يفسره قوله فارهبون ، وهذا في الحصر أبلغ من (إياك نعبد) لأن اياك معمول لنعبد ، وأما هنا فهو معمول لمحذوف لإستيفاء الفعل المذكور معموله وهو الياء المذكورة أو المحذوفة تخفيفا فهو في قوة تكرار الفعل مرتين. قوله : (وَآمِنُوا) من عطف المسبب على السبب. قوله : (من القرآن) بيان لما قوله : (مُصَدِّقاً) حال من الضمير المحذوف في أنزلت أو من ما. قوله : (بموافقته) الباء سسة ولا يلزم من موافقته للتوراة أنه لم يزد عليها بل القرآن جمع الكتب