أهل أيلة (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٦٥) مبعدين فكانوها وهلكوا بعد ثلاثة أيام (فَجَعَلْناها) أي تلك العقوبة (نَكالاً) عبرة مانعة من ارتكاب مثل ما عملوا (لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) أي للأمم التي في زمانها وبعدها (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٦٦) الله خصوا بالذكر لأنهم المنتفعون بها بخلاف غيرهم (وَ) اذكر (إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) وقد قتل لهم قتيل لا يدري قاتله وسألوه أن يدعو الله أن يبينه لهم فدعاه (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) مهزوءا بنا حيث تجيبنا بمثل ذلك (قالَ أَعُوذُ) امتنع (بِاللهِ) من (أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٦٧) المستهزئين فلما علموا أنه عزم (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) أي ماسنها (قالَ) موسى (إِنَّهُ) أي الله (يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ) مسنة (وَلا بِكْرٌ) صغيرة (عَوانٌ) نصف (بَيْنَ ذلِكَ) المذكور من السنين (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) (٦٨) به من ذبحها (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) شديدة الصفرة (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) (٦٩) إليها بحسنها أي تعجبهم (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) أسائمة أم عاملة (إِنَّ الْبَقَرَ) أي جنسه المنعوت
____________________________________
الجداول فسدوا عليه وخذوه في غير يوم السبت ، فافترقوا ثلاث فرق ، فاثنا عشر ألفا فعلوا ذلك واصطادوا وأكلوا فمسخوا قردة ، ومكثوا ثلاثة أيام لم يأكلوا ولم يشربوا ثم ماتوا ، وأما ما وجد من القردة الآن فلم يكونوا من ذريتهم بل خلق آخر ، وقيل مسخت شبابهم قردة وشيوخهم خنازير ، وقيل الذين مسخوا خنازير أهل المائدة ، وفرقة نهوهم وجعلوا بينهم سدا ، وفرقة أنكروا بقلوبهم ولم يتعرضوا لهم ، فمن نهى نجاى وكذا من لم ينه على المعتمد.
قوله : (فَقُلْنا) المراد بالقول تعلق الإرادة. قوله : (مبعدين) أي عن رحمة الله. قوله : (نَكالاً) هو في الأصل القيد الحديد أطلق وأريد لازمه وهو المنع ، لأن المقيد ممنوع فكذا تلك العقوبة مانعة. قوله : (مثل ما عملوا) المماثلة في مطلق المخالفة. قوله : (واذكروا) أي يا بني إسرائيل قوله : (قتيل) اسمه عاميل. قوله : (بَقَرَةً) واحدة البقر يفرق بين مذكره ومؤنثه بالوصف ، تقول بقرة أنثى وبقرة ذكر ، فالتاء للوحدة وقيل للتأنيث فالأنثى بقرة والذكر ثور ، وسمي البقر بقرا لأنه يبقر الأرض بحافره أي يشقها. وأول القصة قوله فيما يأتي (وإذ قتلتم نفسا) الآية : قوله : (مهزوءا بنا) أشار بذلك إلى أنه مصدر بمعنى اسم المفعول ، ويصح أن يبقى على مصدريته مبالغة أو على حذف مضاف أي ذوي هزء ، على حد ما قيل في زيد عدل والهزؤ هو الكلام الساقط الذي لا معنى له. قوله : (مِنَ الْجاهِلِينَ) أي المبلغين عن الله الكذب. قوله : (إنه عزم) أي مفروض وحق لا هزل فيه. قوله : (أي ما سنها) أي فيما واقعة على الأوصاف ، وقولهم إن ما يسأل بها عن الماهية والحقيقة أغلبي. قوله : (لا فارِضٌ) من الفرض وهو القطع سميت بذلك لقطعها عمرها. قوله : (نصف) بالتحريك يقال للمرأة والبقرة ، قال الشاعر :
وإن أتوك وقالوا إنها نصف |
|
قل إن أحسن نصفيها الذي ذهبا |
وكرر لا لوقوع النعت بعدها ، وكذا إذا وقع بعدها الحال والخبر. قوله : (به) هو عائد الموصول وقوله من ذبحها بيان لما قوله : (قالَ) أي موسى وقوله : (إِنَّهُ) أي الله. قوله : (فاقع) صفة لصفراء وهو مبالغة في الصفرة ، يقال أحمر قانىء وأسود حالك وأبيض ناصع وأصفر فاقع. قوله : (بحسنها) أي